إن شعرت بالورطة لا تُعرّف بنفسك (مقالة ساخرة)
يدخل صديقي رجل الأعمال المحترم إلى غرفة المحكمة لحضور جلسة لحل نزاع حصل بينه وبين خصمه، ينتظر القاضي لبعض الوقت، يتأخر في الحضور، يلقي نظرة على خصمه أثناء مغادرته دون أن ينظر إليه. يقرر العودة إلى مكتبه في انتظار رسالة نصية تطلب منه الحضور إلى موعد الجلسة الجديد.
فور وصوله إلى المكتب يستقبل صديقي رسالة تفيد بأن موعد الجلسة أصبح في تمام الساعة الحادية عشر صباحًا من نفس اليوم، ينظر إلى ساعته ويكتشف أن الساعة لحظتها ١١:٠٠ صباحًا. يقرر أن يأخذ غترته التي خلعها للتو ليركض كالمجنون أمام موظفيه إلى السيارة، متجهًا إلى المحكمة التي لا تبعد عن مكتبه الشيء الكثير.
يصل إلى المبنى وهو حاملًا أوراقه وعقاله الذي ارتداه بشكلٍ عشوائي، محمّلا ببعض العرق. يدخل على غرفة القاضي المزدحمة والمدونة بنفس الرقم المكتوب في الرسالة، يسلّم، ويعطي الأوراق له. ينظر القاضي مع مساعده الذي أعطاه أوراقًا تخص -على ما يبدو- قضية أخرى إلى وجه صديقنا بنظرة استغراب، ويخبره بنبرة حادة «يمينك»، ينظر صاحبنا إلى يمينه بحثًا عن أحد، يعيد القاضي توبيخه «يمينك يمينك.. بيدك اليمين تعطي الأوراق موب باليسار»، يعتذر صديقنا ويعطيه باليمين.
يسأل مساعد القاضي صديقنا عن بعض تفاصيل قضيته، التي كانت غير حاضرة في ذهن المساعد والقاضي الذي بدى عليه مزاج معكّر لسببٍ ما، ثم يطلب منه أن ينتظر في الخارج، ليقوم صديقي بتكرار سؤال آخر للتأكد إن كانت هذه القضية قضية الشركة الفلانية الخاصة بخصمه، ويخبره القاضي بأن عليه الخروج مرة أخرى وسيكلمونه بعد دقائق.. لكن ببعض الصوت المرتفع.
ينتظر صديقي في الخارج.. يتأمل حضور خصمه في أية لحظة لكنه لم يأتي. يمد رأسه من طرف الباب ليسألهم «تعرفوا اسمي؟» ليهزوا رؤوسهم بالنفي والهمس بـ «لا». يشكرهم ويغادر المبنى، منتظرًا رسالة تأتيه ليوم آخر، داعيًا الله أن يكون قاضيها ليس ورطة -على ما يبدو- مثل هذا القاضي، وبالفعل هذا ما حصل بالضبط. حضر بعدها بأيام جلسة أكثر تنظيمًا وأقل توترًا. ولم أسأله حتى اليوم إن كان قد كسب القضية أو امتدت لفترة أبعد.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.