تخطى الى المحتوى

قلق الخوارزميات والتواصل الاجتماعي

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
2 دقائق قراءة

يُخيّل إليَ لحظات أن العالم كله أُصيب بالجنون.

جدالات المشجعين على ثقافة المثلية والمحتفلين بها، ومشاهد لا حصر لها لرواد ثقافة الـ «Woke». وإعلانات على منع أفلام تحمل رسائل مباشرة (بعدما اعتدنا السماع عن الرسائل المبطّنة)؛ هي مُعظم ما أشاهده اليوم على مختلف حسابات التواصل الاجتماعي. ناهيك عن حركات النسوية، ونصائح متضادة عن الصحة وأفضل نمط غذائي، ومقاطع عن ضرورة إدمان الذهاب إلى الجيم، والتشجيع على الاستيقاظ منذ الساعة الرابعة فجرًا لكي نُتحِف أنفُسنا بأيام طويلة مع الإنجاز. نساء لا يعرفون كيف يتعاملون مع الرجال، ورجال تنقصهم الرجولة، وحفلة من الفوضى الاجتماعية التي أصبحت تسود العالم.

وفي خضم هذه الأمور.. أتناسى شيئًا مهمًا؛ وهو أن «خوارزميات» حساباتي الاجتماعية هي التي تُظهِر لي ذلك، أما العالم، العالم الحقيقي.. نعم، فيه الكثير من الفوضى، إلا أنه ليس بهذا المستوى الذي يُخيل إليَ.

عندنا في المملكة مثلًا.. نمر بمرحلة تاريخية من التغيُر الإيجابي على جميع الأصعدة، اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا. أطالع من حولي، وأجد أن النسبة الأكبر من الأهل والأصدقاء أصبحوا متمسكين أكثر من أي وقتٍ مضى بقناعات وقيم سامية كُنت أعتقد أنها بدأت تنفلت منهم.

أجلس مع فتيات العائلة من هم دون العشرين، أسمع قناعات رائعة تقودهم نحو مستقبل رهيب، والكثير من الشباب حولي منشغلين بإنشاء أعمالهم أو محاولة أخذها إلى مستوى أكبر. أجد مع كل ذلك استنكارًا لا يحمل أي تردد تجاه الفوضى الموجودة في المجتمعات الغربية.

لا تزال الأسرة هي المحور لدينا، كما أن دور الأبوين أصبح أكثر أهمية من ذي قبل، ولا تعاطف بأي شكل مع جُنون صحوة الـ «Woke». كما أن القضية الفلسطينية لم تُنس، والتركيز على الدراسة شغلًا شاغل لنسبة كُبرى من الجيل الأصغر.

 لا أعرف لماذا تسعى المجتمعات الغربية لأخذ مساحة أكبر من هذا التخلّف، بل إنني قبل يومين وأنا أمارس رياضة المشي فكرت بفكرة أن شخصًا ما يجب أن يكتب كتابًا عن هذا التغيُر الذي أصبح يُمارس بالقوة علينا.. نحن العاديين.. المسؤولين، والمهتمين بشؤوننا فقط. حاولت تشجيع نفسي أن أخذ الخطوة الأولى، وها هي الآن.

أعتقد أنه من المجدي أن نُذكِّر أنفسنا بأن العالم ليس هو ما نراه في التواصل الاجتماعي. العالم الحقيقي بعيدًا كل البعد عن القلق المزروع من الغرب. العالم الحقيقي بالنسبة لي هو بيتي وأسرتي وأحبائي، وعملي، ووطني، وديني. فقط.

الخوارزميات ليست عالمًا حقيقي.. بل هي قلقٌ حقيقي إن صدّقناه وتفاعلنا معه.

 

 

شؤون اجتماعية

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

عن العيش كشخص عادي في المنتصف

أحد أصدقائي العزيزين والمسؤولين في شركة «المحتوى» في البودكاست أخبرني الجملة التالية: «أداؤك عادي، ولا تملك قبولًا كبيرًا كمستضيف». لم يقل أداؤك سيئ، ولم يقل أداؤك خارقاً للعادة، قال بما معناه: «أنت مستضيفٌ عادي». «العادي».. هو شكل معظم حياتي. وهو موضوعي اليوم. وُلدت أصغر إخوتي، ولكنني اعتدت

عن العيش كشخص عادي في المنتصف
للأعضاء عام

عندما فقدت ابني سألت نفسي: لماذا نحن هنا؟

مقالة ضيف

عندما فقدت ابني سألت نفسي: لماذا نحن هنا؟
للأعضاء عام

اقتراحات أغسطس ٢٠٢٤م: ألذ مطعم لحم أوصال في العالم

مطاعم: * قبل ثلاثة أسابيع، شرّفنا أخيرًا أحد أبناء إخوتي الذي يزورنا بشكلٍ موسمي كل ثلاثة أشهر، في اجتماع العائلة الأسبوعي. وحكى لي القصة التالية: اقترح عليه صديقه أن يزوروا مطعماً يقدّم ألذ لحم أوصال في العالم، وموقعه في مدينة جدة، خلف سوق الشعلة، اسمه «مشويات بيت الشهباء»

اقتراحات أغسطس ٢٠٢٤م: ألذ مطعم لحم أوصال في العالم