هل تعرف شعور الاستيقاظ دون منبّه؟
استيقظت البارحة في توقيت مختلف عن العادة، كان ما بين السابعة والنصف والثامنة صباحًا. دون منبّه.
أمسكت أول شيء الجوال كعادتي السيئة والتي أتمنى أن تختفي مني ومن جميع سكان الأرض. لفة سريعة على كل شيء؛ الإيميلات، وأقل من دقيقة علي قنوات التواصل الاجتماعي – الذي لا أحب أبدًا التفرجّ عليه في الصباح الباكر – وشيئًا آخر أثار دهشتي للدرجة التي جعلتني اليوم أخصص مقالة له وهو: عدد ساعات وجودة النوم في الليلة الماضية، والتي لا أذكر متى نمت بدقة قبلها.
ولكي يفهم القارئ بعضًا من السياق، أعتبر نفسي أحد المهووسين بتجربة الأمور التقنية الجديدة. أحب ساعة أبل كثيرًا، وقد اقتنيت مؤخرًا إضافة عليها إسورة “Whoop” من باب الفضول، والتي لا أنصح أحدًا باقتنائها بصراحة، رغم دقّتها المرعبة والمعلومات القيمة التي تعطيها لك طوال اليوم من درجة التعافي في جسدك وحجم الجهد البدني وضربات القلب وغيرها من البيانات التي تكون مفيدة جدًا للأشخاص الرياضيين من الطراز الأول، والسبب اعتقادي إنها غالية نسبيًا (٢٠٠ دولار تقريبًا سنويًا قيمة الاشتراك) وهذا الغلاء يغنيك عنه إلى حدٍ كبير اقتناءك لأي ساعة ذكية تشتريها مرة واحدة، تُغيّرها كل أربع سنوات على أقل تقدير. عمومًا يخبرني أحد الأصدقاء عن المفارقات المضحكة بأن أحد الأهداف غير المعلنة لهذه الإسورة هي إعطاء فرصة للمرفهين بلبس ساعة «رولكس» التي حُرموا منها بسبب سيطرة الساعات الذكية!
على كل حال، كان تقرير الإسورة وتطبيق “Sleep Cycle” صادمًا.. كانت هذه الليلة أفضل ليلة أنام فيها منذ أشهر طويلة، عدد ساعات النوم هو: ٨:١٧ ساعات، ٣:٣٥ ساعات منها (٤١٪ من إجمالي النوم) كان نومًا بأعمق درجة (REM)، و٢٤٪ نومًا عميق (SWS). بمعنى أن ثلثي الليلة تقريبًا كان نومًا عميقًا.
هل تعلم كيف كان شكل يومي البارحة؟
كان نشيطًا لدرجة إنني لا أود الجلوس للكتابة! طوال اليوم كان مزاجي عليلًا أو متزنًا لدرجة غريبة بعض الشيء. ربما يكون تأثير الأمر نفسيًا بسبب مشاهدي للتقرير، وربما يكون بالفعل بسبب نيلي لقسط من النوم أعلى بكثير عن معدله في بقية الأيام.
كان الخبر المحزن والمفرح بالنسبة لي إنني استوعبت أن هناك أملًا حقيقيًا في جعل حياة الإنسان أفضل بكثير ببعض التعديلات، النوم في حالتنا. وربما قد يستغرب أحد القراء الأفاضل بأن هذا الاكتشاف يُعد اكتشافًا بالنسبة لي، لأنه وصل إلى مرحلة النسيان مع الأسف. فيوم الإنسان ومزاجه وانتاجيته وصحته، ترتهن كثيرًا بجودة النوم وكميته في الليلة السابقة، نعرف هذه الحقيقة كلنا، وننساها كلنا.
أنجزت اليوم على سبيل المثال أكثر من ألفي كلمة كتابة (هذا المعدل الأفضل لي خلال العشر سنوات الماضية) وذلك بسبب حصولي على نوم جيد، ولو إنه ليس مثل درجة نوم ما قبل البارحة.
قمت بهدوء اليوم مبكرًا، أنجزت بعد الصلاة جلسة التأمل واليوجا المعتادين وانخراط غير متوقف مع الكتابة دون إزعاج الاتصالات، ودون الانغماس في قنوات التواصل. وها أنا على مقربة من وضع الكلمات الأخيرة.
لدي عدة شواهد مع كل ذلك، ربما يكون أولها إننا بالفعل نظلم أنفسنا عندما نقرر أن نسهر أكثر، أو أن ننام أقل مما يحتاجه جسدنا (أقول وربي شاهدٌ عليَ هذا الكلام لنفسي قبل أن أقوله لكم)، وشاهدي الثاني أن أقصى درجات الحرية كما تقول إحدى الأخوات تتمثل في الإنسان الذي يستيقظ كل يوم دون منبّه.
كيف للمفهوم الأخير ألا يكون مغريًا بما يكفي؟
لا أعرف إن كان عليَ التشجّع والتذكير بأن استيقاظ الإنسان كل يوم دون منبه يتطلب بعض التضحيات الخطيرة الاجتماعية؛ النوم المبكِّر مثلًا؟ وأسأل إن كان الأمر يستحق لهذه التضحية؟
شاهدي الثالث أن قناعتي تجددت وأصبحت أكثر تماسكًا عن أي وقتٍ مضى بأن أقصى سعادات الحياة وراحتها تأتي من الأمور البسيطة: نومة عميقة، وجبة هنية، جلسة مع صديق، وقتٌ مع الأهل. وبلا شك، أن المُتع وإن كانت مُتعًا كبيرة، فهي قصيرة التأثير، لا تُشكّل الصورة الأكبر من الراحة والسعادة التي أراهم وجهين لنفس العملة.
لا أود أن تستغبيني القارئة الكريمة إن قلت بأنني بعد هذا التقرير الإلكتروني، أصبح لا يوجد شيء أرغب فيه اليوم سوى الحصول على أقصى درجات عميقة وطويلة من النوم كنمط حياة يومي، أستطيع أن أكون معه أفضل نسخة من نفسي وللآخرين: قُرّاء وأهل وأصدقاء.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.