تخطى الى المحتوى

لماذا اللغة العربية؟

مقالة ضيف: تحليل شخصي متواضع يضعنا في الصورة الصحيحة.

أكرم أحمد جمل الليل
أكرم أحمد جمل الليل
لماذا اللغة العربية؟
Photo by Muhammad Alhanul Fikri / Unsplash

هنا مقالة ضيف بقلم أكرم جمل الليل.


تصدير اللغة العربية بمحتوى والثقافة والصناعة هو من سيعيد مجدها، لا اللوم والتأنيب.

لا شكّ أن اللغة العربية لغةٌ عريقة، غنية بالمعاني والألفاظ، وهي لغة الضاد التي تميّزت بين لغات العالم. وقد ازدادت مكانتها وتشريفها بنزول الوحي بها، فكانت لغة الدين والعلم والحضارة.

ثم ماذا حدث بعد ذلك؟

أصبحت اللغة العربية هي اللغة الأولى والسائدة، لا سيما في العصر العباسي، ويعود ذلك – من وجهة نظري – إلى سببين رئيسيين:

  • أولهما الفتوحات الإسلامية التي ضمّت شعوبًا وأقاليم عديدة تحت راية الدولة الإسلامية، فأصبحت العربية لغة الحكم والتواصل.
  • وثانيهما ازدهار العلم آنذاك، وخصوصًا في بغداد، حيث كانت مقصدًا لطلبة العلم من مختلف بقاع الأرض، فتعلم الناس العربية قراءةً وكتابةً وتحدثًا ليتمكنوا من أداء شعائرهم الدينية والتفاعل مع العلوم والمعرفة.

ثم ماذا بعد؟

بدأت الأمور تتغير في العهد العثماني، حيث تراجع حضور اللغة العربية تدريجيًا، وبرزت لاحقًا اللغة الإنجليزية مع صعود بريطانيا كقوة استعمارية عالمية. وما حدث للغة العربية في البداية، تكرر لاحقًا مع اللغة الإنجليزية؛ إذ انتشرت بفعل الاستعمار، ثم ترسخت أكثر مع الثورة الصناعية، خاصة في الولايات المتحدة، لتصبح لغة العلم والصناعة والاقتصاد. وزاد من انتشارها في العصر الحديث ما يُعرف بالقوة الناعمة، من أفلام ومسلسلات ومحتوى إعلامي عالمي، مما جعل اللغة الإنجليزية اللغة الأكثر تداولًا وتأثيرًا في العالم اليوم.

أصبحت بذلك لغة أساسية في الحياة العامة والمهنية، خصوصًا في عالم الأعمال، حيث توجد العديد من المصطلحات التي يصعب ترجمتها بدقة إلى العربية، مثل: Senior Manager وغيرها.

فلماذا العربية إذًا؟

هذا لا يعني أبدًا ضعفها أو قصورها، فهي لغة عريقة، محفوظة، وغنية، ولكن لوم الآخرين أو انتقادهم لاستخدامهم اللغة الإنجليزية لن يعيد لها مكانتها. فالعصور تتغير، واليوم لم يعد عصر الفتوحات، بل عصر التأثير الثقافي والاقتصادي.

ومع ذلك، لا يزال بالإمكان تصدير الثقافة واللغة من خلال القوة الناعمة، تمامًا كما تفعل المملكة العربية السعودية اليوم، ولا سيما عبر هيئة الترفيه ومجمع الملك سلمان للغة العربية. أقول، ان هيئة الترفيه لا تروّج وتصنع الفعاليات والمواسم فحسب، بل تُسهم أيضًا في إبراز الهوية والثقافة السعودية والتي من هذا الارض نبعت هذه اللغة الكريمة المحفوظة.

انظر إلى الهند على سبيل المثال؛ فاللغة الإنجليزية هي اللغة الأولى في مجالات كثيرة هناك، ويتقنها شريحة واسعة من المجتمع، ومع ذلك لم تفقد الهند لغتها الأم، بل استطاعت أن تكون من أقوى اقتصادات العالم.

لذلك، من الطبيعي جدًا أن يفتخر الإنسان بإتقانه اللغة الإنجليزية، تمامًا كما يفتخر بلغته العربية، فالقوة الحقيقية تكمن في التعدد، لا في الإقصاء.


للتواصل مع كاتب المقالة:

akram.jaml.al.lail@gmail.com

أكرم أحمد جمل الليل Twitter

مدير تطوير الأعمال في احدى الشركات الحكومية، وثّق وطرح تجربته الشخصية مع اضطراب ثنائي القطب، بهدف تصحيح المفاهيم المغلوطة ودعم المصابين بهذا المرض، ألّف كتاب بين الضدين.


جاري تحميل الأرشيف...