الخوارزميات: هل تكون مفيدة أحيانًا؟
أسامح نفسي على تسليم نفسي لها بشرط واحد! أن يكون نهاري قد سار كما يجب.
أعترفُ إنني وصلتُ إلى مرحلة من الكسل، أصبحتُ أعتمد على الخوارزميات لتسمعني ما أودُّ سماعه من الأغاني. هذا الجانب الإيجابي؛ لأن الأغاني لا تُشغَّل تقريبًا إلا عندما أكون في السيارة وحدي، أضغطُ على خيار Super Mix وأترك إرثي الذوقي الغنائي يشكِّل نفسه طوال المشوار، في الوقت الذي يصادف أنني لا أريد أن أسمع كتابًا صوتيًا أو بودكاست. الخوارزميات تعرف بالضبط تواقيت المزاج والمشاوير الطويلة، وقوائمي المفضلة في مختلف المواسم. وعدا عن ذلك، فإن موسيقى الجاز (الجاز بيانو) أو الـ Smooth Jazz هي الخيار الافتراضي الذي يعمل من وقت لآخر في سماعة مكتبي كخلفية موسيقية، تساعدني على التركيز في مهامي، أو لقتل الملل أثناء عملي على نص طويل أو جدول ممل.
مشكلتي مع الخوارزميات تتلخص في الريلات الخاصة باليوتيوب والإنستغرام؛ والتي تتصارع في أخذ حصة من وقت كل الأشياء المهمة الأخرى في حياتي. وأحيانًا أعود وأعتقد أنها ميزة بصراحة، فهي تغرقني بمقاطع مضحكة، ثم أهداف مخلَّدة، وبعدها أشهر مباريات المصارعة الحرة، ثم مقاطع جلد بين النسويات والذكوريين، ووصفات طبخ مستفزة تبدأ بـ: "Did you know if you mix two boiled eggs with..." إلخ. تقوم الخواردميات بأخذي لفة على تاريخ اهتماماتي، وماضيَّ ومستقبلي وقائمة مشترياتي القادمة، وأنا مخدَّر ومستسلم دون حراك.
يعود الحقد كل يوم أو يومين عندما أنظر إلى الساعة أو إلى قائمة الكتب التي يجب أن تُقرأ قبل نهاية العام، وأكتشف أن الخوارزميات هي شيطان متنكِّر؛ أستطيع الاستفادة منه قليلًا، ليقود الوقت الكثير بعدها؛ الكثير من الوقت والانتباه الضائع!
أسامح نفسي على تسليم نفسي لها بشرط واحد! أن يكون نهاري قد سار كما يجب: تأدية الفروض، قراءة، رياضة، يوم مهني فيه شيء من الإنجاز، وطبعًا تواصل حقيقي مع أحبائي، وبعدها فلتأخذ الخوارزميات ما تبقَّى.
أستيقظ في اليوم التالي لأكتشف أنها أخذت شيئًا لا يقل أهمية عن كل ما ذكرته في النهار: ساعات من النوم!
ولذا، لا أجد أنها مفيدة إلا في استثناء وحيد (أو استثنائين): قائمة الموسيقى.. والكتب المقترحة في بعض متاجر الكتب.
ومتى نصل إلى اتزان أكبر دون أحكام؟ الله أعلم!
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.