عن التعليقات قليلة الأدب في التواصل الاجتماعي
ولماذا هي ليست موجودة على المدونات؟
يصف جوان هاري في كتابه العظيم جدًا Stolen Focus حالنا تجاه وجودنا الدائم وسط وسائل التواصل الاجتماعي:
«كما أوضحت لي الدكتورة نادين هاريس، الجراحة العامة في كاليفورنيا، والتي ستلتقي بها لاحقًا في هذا الكتاب: تخيل أنك تعرضت لهجوم من الدب في يوم من الأيام. سوف تتوقف عن الاهتمام بمخاوفك العادية – ماذا ستأكل الليلة، أو كيف ستدفع الإيجار؟ تصبح يقظًا. يتحول انتباهك إلى البحث عن المخاطر غير المتوقعة من حولك. ولأيام وأسابيع بعد ذلك، ستجد صعوبة في التركيز على المزيد من الاهتمامات اليومية. هذا لا يقتصر على الدببة. تجعلك مواقع التواصل الاجتماعي تشعر أنك في بيئة مليئة بالغضب والعداء، لذا تصبح أكثر يقظة؛ وهو الوضع الذي يتحول فيه المزيد من انتباهك إلى البحث عن الأخطار، ويقل المتاح لأشكال التركيز الأبطأ مثل قراءة كتاب، أو اللعب مع أطفالك».
شيئًا من هذا الكلام واقعي، عندما أراقب حزمة التعليقات بالمئات على حلقات البودكاست السابقة التي صوّرتها وعلى حلقات زملائي في باقي المنصّات، وأيضًا على بعض مقاطع «الشورت» تجاه ضيوفي الكِرام. أشعر أحيانًا أن بعض المعلّقين في حالة يقظة هجومية، وهم مصابين بداء من سُعار قلة التهذيب، وكأنهم تناولوا مخدرًا أو منبهًا شديد القوة، والذي يجعل كلماتهم المكتوبة تتحول إلى أشبه بصراخ في تعابيرها المبطّنة.
تعلّق إحدى الآنسات على هذه الظاهرة: أعذرهم، فأحيانًا خانة التعليقات تكون هي صوت من لا صوت له!
ومن المفارقة، أن هذا الأمر عكس ما كُنت أراه طوال الثلاث عشرة عامًا من كتاباتي المنتظمة على هذه المدونة، نسبة المعلقين والمرسلين على إيميلي الخاص من التهذيب والرقي هي ١٠٠٪؛ لم أجابه تعليقًا أو إيميلًا واحدًا فيه أي شيء من قلة الأدب أو الانتقاص، لا حرمني الله من كل قرّائها.
ربما لأن سمة القرّاء هي الأدب، وربما لأن التأني والتفكير الذين يأتون مع القراءة، تعطي شيئًا من الهدوء النفسي لصاحبها.
وهنا وأنا مع هذه الكلمات، أجد إنني أقف على مسافة طويلة ضد باقي صفحات التواصل الاجتماعي ودببتها. أميل إلى أخذ الذهن وإعطاءه بجدية، لربما بتغير شيء في حياة قارئي أو حياتي.
أحبكم.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.