تخطى الى المحتوى

نصيحة في مقارنة الذات

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

لي عدة أيام أعيش انبهاراً كبير عن بعض الإنجازات الفردية (اليومية) لبعض من أتابعهم في المجتمع الغربي، وتحديداً في أمريكا.

«ريان هوليدي» الكاتب الشاب والتسويقي المعروف، يركض يومياً مسافة ١١ كلم خلال خمسين دقيقة، ويقرأ في السنة ما يعادل ٢٥٠ كتاب، منذ عام ٢٠٠٧. يعيش في مزرعة، ويكتب كل عام من كتاب لكتابين، دون ذِكر مقالاته الطويلة (تتجاوز معظمها ١٠٠٠ كلمة) والتي ينشرها كل أسبوع، طبعاً هو إنسان متزوج، لديه طِفل، ويدير شركتين صغيرة.

وآخر أتابعه على موقع Goodreads يسمي نفسه Hadrian استطاع قراءة ٢٠٠ كتاب خلال عام ٢٠١٧، وعندما انتهى العام أبدى اعتذاره لهذا العدد القليل نسبياً من الكتب التي قرأها مع المقارنة مع السنوات الماضية، وبرر ذلك أنه تلقى ترقية مؤخراً في عمله، مما جعله أكثر انشغالاً من ذي قبل، وأيضاً ذكر أن الكُتب التي قرأها في عام ٢٠١٧ كانت معظمها ثقيلة الحجم (بعضها تجاوز ١٥٠٠ صفحة).

ستيفن كينج (أستاذي وبطلي الشخصي) أنجز ثلاثة أعمال ثقيلة الوزن في ٢٠١٧ كان آخرها رواية Sleeping Beauties  مع ابنه أوين، وقد تجاوزت تلك الرواية ٧٠٠ صفحة. ستيفن كينج الآن في منتصف السبعينات من عمره، وهو أكثر إنتاجية وغزارة وانضباط عمّا كان عليه في مرحلة شبابه، ناهيك عن مشاركته بإنتاج العديد من الأفلام والمسلسلات الناجحة على نيتفليكس في السنوات القليلة الأخيرة، وستلاحظ هذا الأمر إن كنت أحد المشتركين فيه.

إن أخبرتك عزيزي القارئ عن المزيد من الأمثلة (بالمئات) أخشى أن أصيبك قليلاً بالإحباط. لأنني دائماً ما أردد أن مشكلتنا في النشأة … النشأة التي لم تخلق منّا ربما مثابرين في جوانب مختلفة من الحياة إلى هذا الحد. ما يلفتني عن المذكورين أمرين في الحقيقة، أولها أن نمط المعيشة عندهم يتضمن أضعافاً مضاعفة من خيارات الترفيه والمشتتات عن التي نملكها، ولم تؤثر رغم ذلك عليهم. وثانياً، أنهم ناجحين مسبقاً؛ فإن توقف أحدهم – مجازاً – عن تأدية المزيد من العمل، فنجاحاتهم السابقة ستشفع لهم هذا التكاسل.

مقارنة الذات ومحاولة الوصول لأحدٍ من محيطنا الضيق قد لا تكون بالضرورة خياراً مغري، على الأقل بالنسبة لي. والمقارنة مع التطلع لما يفعله الآخرين في بقية الكرة الأرضية، سيدفع بك للتركيز على تحقيق جزءً مما حققوه لنفسك، ويبعدك هذا الأمر عن الكثير من الإنجازات الوهمية في محيطنا، والتي – مع الأسف – قد نصرف الكثير من الجهد خلالها للبحث عن أبطال حقيقيين.

مقالات عن الانتاجية

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

كيف نتعامل مع كثرة الأهداف في حياتنا؟ (ملفّات القرّاء ٤)

مساء الخير أُستاذ أحمد، جزيل الشكر على هذه المدونة الجميلة والمفيدة، سؤالي: كيف يتعامل الإنسان مع كثرة الأهداف في حياته؟ حينما يحاول التخطيط للفترة القادمة، يجد أهدافاً كثيرة على جميع المستويات إيماني، تخصصي، معرفي، اجتماعي ومالي وغيرها! وكلما حاول عمل فلترة، يجد هذه الأهداف والأمنيات ملحة! فيزداد حيرة؛ يخاف

كيف نتعامل مع كثرة الأهداف في حياتنا؟ (ملفّات القرّاء ٤)
للأعضاء عام

فيما يخص تعليق الشهادات على الجِدار (رسالة قارئة)

عن المقالة السابقة بعنوان في تعليق الشهادات على الجِدار. وصلتني رسالة لطيفة، أعتقد إنها تستحق النشر. هنا رد قارئة كريمة اسمها السيدة/ شيخة علي الخروصية: فيما يخص أهمية الشهادات المهنية سأحكي لكم عدة أحداث أو مواقف مررت بها لعلها تضيف شيئاً لكم. أحدثها أننا في قسمنا ممثلين المؤسسة بأكملها

للأعضاء عام

أقف حائرًا مرة أخرى أمام نصائح الانترنت

أفهم جيدًا أن معظم النصائح التي تأتي من أماكنٍ عشوائية من الإنترنت هي محل تساؤل. وأفهم جيدًا أن ليس كُل ما يُقال قابل للتصديق. ورغم هذا (الادعاء)، فإن شيئًا داخلي لا يستجيب بنفس القدر. أتأثر وأتحمس للبعض، وأستنكر تمامًا آخرين. أتابع عشرات الحسابات التي

أقف حائرًا مرة أخرى أمام نصائح الانترنت