كيف تُنشئ شركة في القطاع اللوجستي؟ (ملفات القراء ١٠)
السلام عليكم أستاذ أحمد،
محدثك من قلب المعمعة - مكتبي - في الصفوف الأمامية لأحد الفرق المسؤولة عن تحريك عجلة التنمية ولله الحمد.
أود أولاً أن أشكرك على هذه النشرة، التي أعتبرها جزء من روتيني اليومي الصباحي، لم يحصل لي الشرف أن التقيت بك - بعد - ولكني أتشوق إلى ذلك قريباً بإذن الله، تعرفت عليك للمرة الأولى من العم عمار شطا، وبعدها من خلال حلقة بودكاست مربع مع الزميل حاتم.
سؤالي هو: ما هي نصائحك لمن يرغب في العمل أو تأسيس شركة في القطاع اللوجستي (أشخاص يمكن التواصل معهم، إجراءات أو تكتيكات معينة تساعد على بداية سلسة قدر الإمكان)، أنا مهتم بهذا المجال (النقل البحري تحديداً) وأرغب في معرفة تفاصيله بشكل أكبر.
إلى أن نلتقي على خير، تقبل تحياتي.
بكر فلاته
عزيزي الأستاذ بكر،
شكرًا على تواصلك الكريم، وأعتذر على تأخري في الرد، لانشغالي التام مؤخرًا في ظروف أُسرية، ثم إنَّ قائمة الأسئلة قد طالت ما شاء الله، وهذا أمرٌ إيجابي. كما أتشرّف بلقائك طبعًا في أي وقت، وتحت أي سماء.
باختصار.
سأحاول ألا أكون سلبيًا؛ لكن القطاع اللوجستي من أعقد القطاعات التي عملت بها في حياتي. (عملت في التسويق المباشر، وخياطة الثياب، والبنوك، وغيرها من القطاعات).
عندما نقول «القطاع اللوجستي» فإن تشعّبه قد يُربك القارئ الكريم، لكنني سأحاول اختصار شرح نشاطين ضمن القطاع اللوجستي، وهما: نقل الطرود (Couriers) مثل شركة آرامسك، فيديكس، ودي إتش إل، وغيرهم. أما النشاط الآخر (الذي أعمل فيه) فهو شحن البضائع (وكل ما يتعلّق به من أنشطة جانبية)، وهو ما يُسمى (Freight Forwarding). وهو باختصار نشاط يُعْنَى بنقل الشحنات الكبيرة غير الخاصة بالأفراد، إلا في حالات نادرة. أكثر من ٩٥٪ من عملائنا هم شركات، نعتز بخدمتهم.
القطاع اللوجستي من الصعب جدًا النجاح فيه إن لم يتم التركيز على مجموعة كبيرة من الخدمات المصاحبة للشحن نفسه، مثل التخليص الجمركي، والتأمين على البضائع، والنقل الداخلي عبر الشاحنات، وأيضًا الحصول على وكالة خطوط شحن بحرية، والأخير يحتاج فيه صاحب العمل إلى خبرة لا تقل عن عشر سنوات.
مشكلة الشحن البحري أن التنافس فيه كبير، وهامش الربح فيه قليل جدًا (إن كانت قيمة الشِّحْنَة ١٥٠٠ دولار مثلًا، فإن الدخل منها لا يتجاوز على أحسن تقدير ١٠٠ دولار)، ويمكن للتاجر أن يعوض تحدي هامش الربح القليل بالخدمات الإضافية كما ذكرت، كأن يقوم بشحن البضاعة، ويكسب ١٠٪ ثم يقوم بتخليص البضاعة ليكسب ٣ - ٥٪، ثم يقوم بنقل البضاعة إلى مستودعات العميل (يكسب من ٢ - ٤٪) وهكذا.
يعتمد النجاح في هذا القطاع - في رأيي الشخصي - بشكلٍ قاطع على قوة فريق العمل، وعلى العلاقات الدولية، ودائمًا ما كُنت أشجع زملائي حديثي الانضمام إلى الشركة بأن إحدى مهامهم الوظيفية هي تكوين أصدقاء في مختلف دول العالم، لكي يكون لديهم وكلاء، وقتما يحتاجون إليهم.
ثم إنَّ الملاءة المالية أمرٌ حساس وضروري، لأن معظم أصحاب الشحنات يتوقعون الحصول على اتفاقية دفع بالآجل مما يتطلب رأس مال عامل كبير نسبيًا، وهذا ما قد يُصعّب مهمة التاجر الصغير في التنافس والاستمرار. في حالتنا مثلًا كان من حسن الحظ أن أحد الشركاء قد تكفّل بتغطية أي عقبات مالية متعلقة بالسيولة، ثم إنَّ علاقتنا مع البنوك جيدة ولله الحمد فيما يخص التسهيلات الائتمانية.
أضف إلى ذلك، أن انضمام قطاع الشحن الجوي (Cargo) ضمن باقة خدمات الشركة، قد يسهم بتغطية التحديات - المالية - التي تواجه خدمات الشحن البحري، لأن طبيعة الشحن الجوي مختلفة تمامًا. لا يتوقع فيها العميل السداد بالآجل، كما أن هامش الربح مرتفع نسبيًا إن قارنّاه بالشحن البحري، وعادة ما يلجأ العملاء إلى الخيار الجوي إن «انزنقوا في الوقت» وكان الشحن البحري سيتأخر، أو إذا كانت بضاعتهم حسّاسة، ولا تتحمل النقل البحري.
مالك بالطويلة.
لا يوجد طريق مختصر للنجاح في هذا القطاع، سوى التعلّم من أصحاب الخبرات فيه، أو العمل فيه لفترة طويلة نسبيًا. وشخصيًا ما زلت حتى اللحظة في طور التعلم، مع أن شركتنا فيها أكثر من خمسين موظفًا، وقد أَسَّسْت في منتصف عام ٢٠١٩م.
أعتقد أن الأمور سارت معي على ما يُرام، لأن كل من في الشركة - من شركاء وموظفين - يفوقوني في الذكاء والخبرة، والإلمام بالنشاط.
تحياتي
وبما أننا في سيرة القاطع اللوجستي، أترككم مع بعض صور حفل استقبالنا لأول سفينة فريدة من نوعها لموكّلينا شركة RCL في ميناء الملك عبد العزيز بالدمام. تحمل هذه السفينة في جعبتها أكثر من ١٢،٠٠٠ حاوية (وهي ليست الأكبر في العالم، هناك سُفن تستطيع حمل أكثر من ٢٢،٠٠٠ حاوية).
ربما سأخصص بضعة مقالات عن هذا القطاع في وقتٍ ما في المستقبل.
بونص المقالة:
هنا لقاء صوتي عملته البارحة مع الأحبة مجموعة «متكأ الكتابة»، وكان عن كتابة المقالات. أتمنى أن يستحق بعضًا من اهتمامكم.
اسألني: ahmad@amoshrif.com
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.