تخطى الى المحتوى

عن خداع العقل في السفر

عن رحلة جنوب الهند

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
2 دقائق قراءة
عن خداع العقل في السفر
Photo by pavan gupta / Unsplash

استهلال...

أكتب لكم هذه المقالة مع نهاية شهر يناير لهذا العام. رسميًا هو أول شهر كامل (مع كم يوم إضافية) لم أفوِّت فيه يومًا واحدًا دون أن أنشر. وفي خلال شهري نوفمبر وديسمبر ٢٠٢٤م، انشغلت انشغالًا حادة منعني من الانضباط تجاه واجبي الأخلاقي، ووعدت نفسي بعدها ألا أستمر في هذا التقصير، وبدافعٍ من ردة الفِعل، قررت أن أعود إلى الالتزام في التدوين والنشر اليومي إلى ما شاء الله. فللقرّاء الاعتياديين أقول شكرًا على سعة صدوركم. وللمخلصين القدماء، شكرًا لبقائكم وزيارتكم المتواصلة للمدونة، التي تعني لي الكثير.

أكرر: الكاتب وكتاباته لا قيمة لهم دون قرّاء كريمين بوقتهم وذِهنهم.


أكثر سؤال تسلّمته هذه الأيام (لتواجدي في دولة الهند): كيف انسجمت مع النقص الحاد للمعيار الأقل من النظافة؟ وهنا بعض التأملات المختصرة:

1.دولة الهند تتسم بطبقية شديدة. بقاء الزائر ضمن إطار الطبقة المتوسطة والثرية، يُبعد فرصة التضرر من النظافة. فهذه الطبقتين، لا تأكل في مطاعم شعبية أو من أكل الشارع باستمرار أو بشكل منتظم. وبالطبع عاداتهم اليومية لا تخرج من كونها عادات صحية بشكلٍ عام.

2.معظم أيامي الحالية في ولاية كيرلا، وهي الولاية التي تشتهر بأعلى معدّل سكّان متعلمين ومثقّفين، وهي موطن معظم الحركات السياسية التقدّمية في الماضي، وهذا ما أعطاها زخمًا خاصًا، تُرجم إلى وجود سمة التطور النسبي عن الكثير من الولايات في الهند. البلد تعتبر نظيفة إلى حدٍ كبير، كما يوجد فيها كثير من المنتجعات والفنادق الفخمة بأسعار أقل من المتوسط.

3.لا أخفي إنني أخذت كل الاحتياطات التي آخذها عادة في أي مكانٍ أسافر إليه، حبوب البروبايوتيك (بكتيريا المعدة النافعة)، وأدوية الانتفاخ وما إلى ذلك؛ وهذا أمرٌ اعتدته في كل سفرياتي دون استثناء. كما إنني استمعت إلى النصيحة التقليدية بأكل البصل كثيرًا، والزبادي، ويبدو إنها نصيحة فعّالة.

4.رحلتي حتى الآن سعيدة جدًا – ولله الحمد – أعتقد إن وجود الرفقة، ووجود شريكي العزيز كومار قد أعطوا زخمًا، وأوصلوني إلى هذه النتيجة. مستمتع بالثقافة، وبطيبة الناس، وبالأكل الحار غير المتوقف، وبعصير جوز الهند، وشاي الماسالا. وأعتقد جديًا إنني سأحرص على ترتيب رحلة أكثر تنظيمًا إليها لعائلتي أو لأصدقائي في المستقبل. كما إنني متحمس للبقاء ليلة إضافية في مسقط، استجابة لاقتراح أخي العزيز هيثم الرحبي، الذي لا أفوِّت أي فرصة لقاء معه.

5.هنا أمرٌ بديهي وبسيط أقوم به من فترة لأخرى، عند زيارتي لأي دولة أو مدينة جديدة، وهو الجلوس مع نفسي قليلًا لكي أعدها بأنها ستكون من أجمل الرحلات في حياتي، وفي الحقيقة، أجد إن هذا الأمر يشتغل كما يشتغل السحر، تبدأ الرحلة بالتحول إلي رحلة جميلة على أرض الواقع، كما إنني أوتوماتيكيًا أبرمج نفسي للنظر في إيجابيات الأمور دون منغصات، وأعتقد أن هذا السلوك بالذات، سهل من ناحية نظريًا وعمليًا. وما زلت أجد أن النكد والتنغص خيارات نفسية أكثر مما هي ظروف، تمامًا كما يوجد خيار الاستمتاع والإنجاز.

أتمنى أن يكتب الله لكم زيارة للهند الجميلة.

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات