تخطى الى المحتوى

أعطيني نفس طلبه

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
2 دقائق قراءة

«الإنسان هو المخلوق الذي لا يعرف ماذا يرغب، ويلجأ إلى الآخرين ليقرر رأيه.»

    – رينيه جيرارد

أجلس مع أحد أقاربي اليافعين، وقد لاحظت أن إجابته المعتادة -ككثير ممن في عمره- هي: «أي شيء»، عندما يسأله الآخرين ماذا تريد أن تأكل أو تشرب؟

طلبت منه أن يجعل الحياة أسهل بتحديد ما يريد؛ «شاهي أم قهوة؟»

أخبرته: اطلب «قهوة» إن كنت غير متأكد، لا تتردد. الخيار هنا يربي الإنسان -في رأيي- على الحسم وعدم التردد، ويربي مع الخبرة ألا يندم على قراراته في المستقبل حتى وإن كان قرارًا غير مهم.

أعتقد أن نسبة لا بأس بها من البشر لا تعرف حقًا ماذا تريد. لا أقصد الأهداف والأحلام والطموحات والأشياء الكبيرة، بل أقصد حِزمة الخيارات الصغيرة التي تُشكِّل يومنا، وحياتنا بعدها. لم يُعِجب الكثير من القراء مثلًا اقتراحي بأن نطلب ما نريده على العشاء من الداعين لنا. في حين أن نفس القّراء تصيبهم حيرة عن الخيارات التي يجب أن يوفروها لضيوفهم.

تأمل أصدقاءك عندما تذهب لزيارة المطعم أو المقهى، ستجد الكثير منهم يتجهون لخيار «أعطيني نفس طلبه». الخوف هنا هو من فكرة تبنينا ما يعتقد الآخرون أنه خيارًا مناسبًا لهم ليكون لنا. ومع الوقت تتحول هذه القرارات لأشياء أكبر، كالسيارة والمنزل والسفر.

تُبنى الكثير من القرارات في حياتنا من خلال عيون الآخرين. لا شك في ذلك. ولكن التمرين المستمر على الحسم يساهم ليس فقط بجعل الحياة أسهل قليلًا، بل يربي -في رأيي أيضًا- إحساسًا بالثقة بالنفس. يُصبح الإنسان بعدها متفردًا برأيه، سيعي مع الوقت ماذا يُفضّل وماذا يرفض بوضوح أكبر.

 

شؤون اجتماعية

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

اقتراحات يوليو ٢٠٢٤م: بودكاست وكُتب وأماكن

كان من المثير للدهشة بالنسبة إلي، أن اقتراحات يونيو ٢٠٢٤م قد لاقت تفاعلًا من القريبين أكثر من القرّاء، وهذا أمرٌ لطيف في الحقيقة، لكيلا يشعر المُقترِح أنه «يكلم جدار» مع اقتراحاته. عمومًا، لا يمكن أن أُعطي اقتراحات خارجية، قبل أن أحصل على شيء من

اقتراحات يوليو ٢٠٢٤م: بودكاست وكُتب وأماكن
للأعضاء عام

لماذا تطرد برشلونة سُيّاحها؟ (الموضوع أعقد مما نتصور)

ربما يكون أحيانًا تغيُر نمط حياتهم البسيطة بشكلٍ جذري سببًا كافيًا لعدم تحمّل الضيوف!

لماذا تطرد برشلونة سُيّاحها؟ (الموضوع أعقد مما نتصور)
للأعضاء عام

قصة الحادث الذي لم يغيّر حياتي - الجزء الأول

تريدون قصة؟ سأحكي لكم واحدة. كُنت أدرس في المرحلة الثانوية عام ٢٠٠٤م. اتصلت على أحد الأصدقاء (الذين تخرّجوا)، واتفقت معه أن يمر عليَ صباح اليوم التالي ليقلّني من البيت بسيارته في تمام الساعة السابعة صباحًا، في الفترة التي كان فيها معظم من في سني لا يملكون

قصة الحادث الذي لم يغيّر حياتي - الجزء الأول