تخطى الى المحتوى

إذاً لا تعجبك الوظيفة؟ ولكن يعجبك الراتب!

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

«إذا لا تعجبك الوظيفة؟ … ولا يعجبك تأدية العمل … لكن يُعجبك الراتب!؟»

كان هذا تعليق صديقي عبدالرحمن الذي يعمل في أحد المطاعم في جدة بكل شغف وحب، على حالة أغلب من حوله من أصدقاء وأقارب … لأنه أصبح يجدهم كما يقول يؤدون مهمة ثقيلة، ولا يعملون بحب في عمل اختاروه.

يقضي عبدالرحمن أكثر من ١٠ ساعات يومياً في عمله دون أن يشعر بالوقت كما يُعلق، ويُضيف: «قد لا يكون الراتب هو الراتب الذي يطمح له أي شاب سعودي طموح، لكن جمال العمل وتحدياته وتحمل المسؤولية وحل المشاكل التي تظهر كُل يوم دون أن تخطر على البال … هي القيمة الحقيقية التي استمتع بوجودها».

ميزة العمل في المطاعم -وخصوصاً إن كُنت أحد المسؤولين عن إدارة الصالة- أنك تتحول كل ساعة إلى صاحب مهمة جديدة، فمرة تكون فيها في خدمة العملاء، ومرة أخصائي اجتماعي يُعالج مشاكل الزملاء، ومرة سبّاك يحاول إصلاح ماسورة الماء المكسورة … وفي حالات، عضو مجلس إدارة يُناقش مستقبل المطعم مع المُلاك!.

«لدي إثنين من الزملاء السعوديين لنُشكل نحن الثلاثة السعوديين الوحيدين الذين نعمل في مواجهة الجمهور لدى المطعم، أجمل مافي زملائي أنهم بالعفل «شغيلين» ويتحملون المسؤولية، وليس الحال كما كُنت أعتقد أو أسمع عنّا نحن السعوديين، خصوصاً في السنوات الخمسة الأخيرة التي عشت فيها في الولايات المتحدة، حقيقاً لقد تغير الحال».

يلاحظ المقربون من عبدالرحمن بعض التغيرات اللطيفة التي حدثت في شخصيته، أصبح أكثر صلابة من قبل، ولا يشغله اليوم سوى المستقبل -وربما إبنة الحلال-، استخرج سيارة جيدة في أسرع وقت، ويحرص على اختيار ملابسه والاعتناء بنفسه بأفضل وسيلة (سريعة ومختصرة) لأنه منشغل تماماً في فنه، ولا يريد للأمور«المادية» أن تشغل المزيد من حيز الوقت.

أخبرته حقيقاً أنه بالفعل يعمل كفنان في وظيفته، ليخبرني بكل ود أنه تلقى مؤخراً عرض الترقية (المتوقع) من مُلاك المطعم، والمثير للدهشة بالنسبة لي أن همه الأول ليس العمل أو الراتب أو حتى الخبرة بالضرورة، إنما شيء آخر … «لا يسعدني أي إحساس مثل دخول زبون لأول مرة في المطعم، ليشكرني بحرارة عند خروجه، ولأراه بعد يومين يأتي برفقة زبون جديد … إحساس لا يوصف».

خجلت من إعطاء أي اقتراحات له فيما يخص مستقبله لتأكدي شبه التام أنه يسير على الطريق الصحيح … ولكن قررت أن أعطيه على استحياء نصيحة واحدة وكانت … «حاول أن تصرف وقتك في المزيد من العمل غير المطلوب منك في المطعم، أو بلغة أخرى طبق معادلة ٦٠٪ عمل غير مطلوب منك، و ٤٠٪ عمل يومي مطلوب منك»، ورد علي: «صدقني أعمل أكثر من ٧٠٪ أعمالاً ليست مكتوبة في وصف وظيفتي».

وهنا سلمت عليه … وتمنيت له ليلة سعيدة بعد إقفال المطعم آخر ليلة الخميس الماضي.


[عبدالرحمن الكالي، يعمل مساعداً لمدير أحد فروع سلسلة مطاعم Wagamama العالمية، فرع جدة: مجرى السيل. تكرموا علي بزيارته، وربما سيكون من اللطيف إخباره أنكم سمعتم عنه مني].

شؤون اجتماعية

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

اقتراحات يوليو ٢٠٢٤م: بودكاست وكُتب وأماكن

كان من المثير للدهشة بالنسبة إلي، أن اقتراحات يونيو ٢٠٢٤م قد لاقت تفاعلًا من القريبين أكثر من القرّاء، وهذا أمرٌ لطيف في الحقيقة، لكيلا يشعر المُقترِح أنه «يكلم جدار» مع اقتراحاته. عمومًا، لا يمكن أن أُعطي اقتراحات خارجية، قبل أن أحصل على شيء من

اقتراحات يوليو ٢٠٢٤م: بودكاست وكُتب وأماكن
للأعضاء عام

لماذا تطرد برشلونة سُيّاحها؟ (الموضوع أعقد مما نتصور)

ربما يكون أحيانًا تغيُر نمط حياتهم البسيطة بشكلٍ جذري سببًا كافيًا لعدم تحمّل الضيوف!

لماذا تطرد برشلونة سُيّاحها؟ (الموضوع أعقد مما نتصور)
للأعضاء عام

قصة الحادث الذي لم يغيّر حياتي - الجزء الأول

تريدون قصة؟ سأحكي لكم واحدة. كُنت أدرس في المرحلة الثانوية عام ٢٠٠٤م. اتصلت على أحد الأصدقاء (الذين تخرّجوا)، واتفقت معه أن يمر عليَ صباح اليوم التالي ليقلّني من البيت بسيارته في تمام الساعة السابعة صباحًا، في الفترة التي كان فيها معظم من في سني لا يملكون

قصة الحادث الذي لم يغيّر حياتي - الجزء الأول