تخطى الى المحتوى

اسطنبول والموروث العثماني

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

عندما تتحدث مع أحد الأتراك من الجيل القديم، ستجد الكثير من التفاخر بإنجازات الدولة العثمانية. وتجد في المقابل شبابهم (أكثر من ٦٠٪ سكان تركيا أعمارهم أقل من ٣٥ سنة) يعيشون كل تفاصيل حياتهم بعيداً عن أي موروث ثقافي عثماني عريق.

يغلب على الشباب نمط الحياة الأوروبية المعاصرة أكثر من التركية العتيقة، النسبة الأعظم لا تتحدث اللغة الإنجليزية في اسطنبول رغم انتشار الأغاني، والمأكولات والعديد من المنتجات الأجنبية والأمريكية على وجه الخصوص في جميع أنحاء المدينة.

لستُ هنا أتطرق للموروثات الدينية، بل الإجتماعية التي ورثناها نحن في مدن الحجاز ونعيش بقاياها حتى اللحظة رغم تمّدُننا وكثرة شبابنا. كنت أشاهد والدتي تلبس ملابسهم، ومعظم سُفرِنا في رمضان تحتوي على مأكولاتهم، وعندما أسألها تقول لي “معظم عادتنا وما نأكله أو نلبسه تعلمناه منهم في المدينة المنورة”.

زرت اسطنبول مؤخراً، أحزنني وأفرحني في نفس الوقت حال المدينة … تطور مذهل حصل في اسطنبول على الأقل منذ آخر زيارة لي لها العام الماضي، العديد من المراكز التجارية الجديدة افتتحت مؤخراً، والكثير من الوجهات التي تستحق الزيارة أصبحت تُغرق المدينة. وأجد بشكل واضح اجتهاد الحكومة التركية للإرتقاء بها.

عتبي قليلاً كان بتعامل أهلها القاسي مع الضيوف، وعند تحدثي بهذا الأمر مع زوجتي ردت لي بدبلوماسية “تخيل لو أن مدينتك تعج بالسياح كل يوم طيلة العام!”. أعجبني جداً وجود مكتبة في كل مركز تجاري، وأعجبني أكثر حرصهم الشديد على ماضيهم -رغم عتبي علي قسوتهم في الحاضر- وعند سؤالي الجريء لأحد أصدقائي الأتراك عن مزاجهم الصعب وأخلاقهم غير الآمنة، أصر أن هذا السبب يعود إلى ضعف الحالة الإقتصادية عند معظم السُكان والتي تنعكس سلباً على ضيوفها !!

أجد أن اسطنبول (وتركيا) من أكثر ما شاهدت في حياتي من تناقضات … فهي مليئة بالفنون والموسيقى الساحرة والكثير من المزاج الصعب، تطور مذهل بشكل متسارع مع ازدياد وجود عدم رضاً عام عن الحالة الإقتصادية.  وأيضاً يُترجم هذا التناقض في وجود العديد من الآثار الإسلامية والكثير من الإنتماء للتيار العلماني، وحتى على المستوى السياحي … وجدت تنافساً كبير بدأ يرجح الكفة لصالح المنتجات والثقافة الغربية، على التركية.

ربما يكون تناقضها هو سبب جمالها …

(مجرد رأي شخصي).

شؤون اجتماعية

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.


المنشورات ذات الصلة

للأعضاء عام

هل فكرت يومًا بحجم ديونك (تجاه النوم)؟ أنا فكّرت وهنا النتيجة

مقالة مطوّلة عن حياتنا مع النوم

هل فكرت يومًا بحجم ديونك (تجاه النوم)؟ أنا فكّرت وهنا النتيجة
للأعضاء عام

كل الناس لهم ذكرياتهم السيئة بطريقتهم؛ أما أنا فكانت مع الأكل

عن عدم القدرة على التواصل الفعّال مع الأهل في سن صغير

كل الناس لهم ذكرياتهم السيئة بطريقتهم؛ أما أنا فكانت مع الأكل
للأعضاء عام

المشاهير الحبّيبة: لماذا ينفصلون؟

معظم الناس ينشرون باستمرار عن أزماتهم الشخصية أكثر من اهتماماتهم الحقيقية

المشاهير الحبّيبة: لماذا ينفصلون؟