ما لا يقال في لقاءات التواصل الاجتماعي
قابلت صديقًا بالصدفة منذ أيام، مضى على لقائنا الأخير سنوات طويلة دون تواصل. أعرف كل أخباره وتطوراته، لأننا أصدقاء على مختلف قنوات التواصل الاجتماعي، في هذا الأمر ميزة جيدة، لكنها بلا شك لا تُغني عن اللقاء -غير الافتراضي- الذي حرصت على الحصول عليه عندما أزور مدينة الرياض قريبًا، حيث يسكن.
أود سماع الأخبار التي لا تُقال في التواصل الاجتماعي، أود معرفة كيف لي أن أساعده في مهامه الجديدة، وأعطيه فرصة لمساعدتي. كل الأخبار المهمة والتي تجعل من أي صداقة.. صداقة حقيقة لا تُقال خلف الشاشات. نوع من التكاسل كان يصيبني عند فرصة لقاء أي إنسان عزيز لأنني -وحسبما يخبرني عقلي- لا داعٍ للقيام بذلك. ومع التقدّم قليلًا في العمر أكتشف أن لا شيء يعادل حميمية العشاء أو القهوة مع الأعزاء، تشعر بعدها وأن عقلك لا يتوقف من كثرة التفكير في حزمة المواضيع والأفكار والتغيُّرات التي كانت من ضمن مخرجات الجلسة.
سبب هذا الشعور الإيجابي أن الإنسان -كما يقول منقر- حيوانٌ اجتماعي بالفطرة، تتغذى روحه مع وجود الأحباء وأنصاف الأحباء. توهمك اللقاءات الافتراضية بأنك على تواصل حقيقي، لكن تكتشف هذا الوهم كلما كثّفت لقاءاتك على أرض الواقع.
هيثم الرحبي (من عُمان) وأحمد رويحل (من مصر) أصدقاء في مقام الإخوة، أتحدث معهم كثيرًا عبر الهاتف لأنهم في دولٍ مختلفة، تزداد معهم المعزة والأخوة رغم بعد المسافة، وأكتشف إنني في أسعد حالاتي عندما تجمعني بهم الأيام على أرض الواقع، بعيدًا عن السماعة والشاشة.
اتخذنا قرارًا أنا وهيثم ونحن في وسط طابور انتظار طاولتنا في مطعم نصرت في إسطنبول، بأن لقاءنا كل شتاء في تلك المدينة من النُسك السنوية لإتخان العلاقة أكثر، وأخبرته إنني سأسبقه في كل رحلة. لعل وعسى أن أكسب جرعة إضافية من فرحة الاستقبال.
العلاقات الافتراضية لا بأس بها، إن كانت تختفي خلف لقاءات واقعية، نحرص عليها كحرصنا على أكثر الأمور أهمية في حياتنا.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.