التنمر على كِبر
اعتراف اليوم.. إنني من فئة الشباب الذين واجهوا حزمة كبيرة من التنمر في حياته، على دفعتين: الأولى أيام المتوسطة حيث انتقلت من مدرسة أهلية إلى مدرسة حكومية مفعمة بروح الشارع والبذاءة، والثانية في بداية حياتي العملية، حيث باشرت بالعمل وأنا دون العشرين في بيئات معظم من فيها كانوا حول الثلاثين.
طبعًا لا أشعر إنني أُصِبت بعُقد منها بصراحة. أو على الأقل حسب اعتقادي اليوم.
مُتصالح اليوم مع أي شخص يحاول ممارسة أي نوع من التنمر أو التريقة، وفي الحقيقة هم نادرين، بحكم تغير البيئة. وربما لأن قدراتي اللسانية والكتابية أصبحت بهية ولله الحمد. أحد أصدقائي كان يحذّر البقية (من باب الدعابة طبعًا) أن أي محاولات ليس لها داعٍ تجاهي، ستُترجم إلى مقالة فيما بعد يقرأها القارئ المخلص.
وقد وجدت بعد هذه السنوات أن أعظم وسيلة يتسلح بها الإنسان تجاه التنمُّر هي الحُجج وطلاقة اللسان وسرعة البديهة والتسلُّح الأكبر بالعِلم. كُلها لا تأتي إلا من خلال تغذية منتظمة وتراكمية من القراءة. وكلما قرأ الإنسان (وكتب) أكثر، كلما كان له مرونة تجاه محيطه.. والله أعلم.
لا يستطيع الواحد أن يرد على أي شكل من أشكال التنمر إن لم يكن يملك الحجج والمفردات التي تدخل إلى فم المتنمر لإسكاته، مع الكثير من استخفاف الدم، وطبعًا استحضار الاقتناع التام أن الإنسان يملك خيار الرد والإسكات؛ هي الطريق الأقصر إلى الحِلم. فإن علم أحدنا أنه يستطيع الرد وقتما يرغب، سوف لن يجعل ذلك من التنمُر تهديدًا.
القراءة.. أحد الجوانب الخفية للدفاع عن النفس.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.