! الكُّتاب الشباب ... تلوث ثقافي
[لا أعلم إن افتقدتوا غياب المقالات خلال الأسبوعين الماضية بسبب الصيانة على برنامج القائمة البريدية والذي انتهى البارحة على خير، ولكن كُل ما أعرفه أنني افتقدتكم جداً … شكراً لكم من القلب على صبر القراءة … وصبر الإنتظار].
الكتابة أصبحت صنعة من لا صنعة له !!
… أو على الأقل هذا هو رأي بعض المثقفين “المخضرمين” عن بعض الكُتاب الشباب (تلوث ثقافي).
تحدثت في ثورة الفن عن حُراس البوابات أو الـ Gate Keepers ، والذين كان لهم دور كبير في عدم خروج العديد من الإنتاجات الفكرية والمادية خلال العصور السابقة.
فدوُور النشر حُراس لبوابات الكُتب، والإستوديوهات وقنوات الإذاعة كانت هي الأُخرى متخصصة في حراسة المحتويات الصوتية من الخروج إلى العالم، وغيرها الكثير من حُراس البوابات والذين مارسوا بكل جدية إقفال البوابات على معظم المحاولات التي كانت تريد أن تظهر للعامة.
كان يمثل المدير حارس بوابة على موظفيه في حالات كثيرة، وأحياناً كانت تُمثل بعض المجتمعات المحافظة هذا الدور أيضاً بشكل مُتقن أيضاً على أفرادها. ومع دخول الثورة المعلوماتية والإنترنت منذ فترة، اختفى بشكل كبير دور حارس البوابة.
يمكنك أن تصور نفسك وأنت تتحدث أو تغني على اليوتيوب، ويمكن لأي شخص أن يكتب وينشر ما يريد متى شاء ، مجاناً على مدونات الإنترنت.
شاهدي اليوم تحديداً على فن الكتابة … فقد واجهت السؤال التالي ثلاثة مرات خلال أسبوع واحد في مناسبات مختلفة:
هل انتشار كُتب الشباب (الصغار) في الأسواق ظاهرة صحية؟ [أو] هل دخول الشباب عموماً في صنعة الكتابة شيء إيجابي؟
لعل إجابتي هُنا لن تكون محايدة لسببين أولها: أنني أعتبر نفسي ضمن الكُتاب الشباب ( الصغار) وثانياً: أنني لم أكتب ولا مرة واحدة في حياتي لأحد الصُحف المحلية بشكل رسمي، فقد أُحسب الآن ضمن الهواة.
عموماً … إجابتي نعم هي ظاهرة (وموضة) صحية. لأسباب كثيرة أيضاً أُلخصها في النقاط التالية:
- أننا بمجرد منع الشباب من تجربة الكتابة فإننا (تقنياً) نمنعهم من المزيد من القراءة، وهذا ما نغني عليه منذ فترة (آمة إقرأ لا تقرأ).
- لا يمكن الوصول إلى عشرة محتويات كتابية إستثنائية دون المرور على ألف محتوى سيء أو عادي.
- لكل كاتب جمهوره، ولكل محتوى شخص خاص به قد يتأثر بمحتواه الكتابي، وليس من العدل أن أُقارن خبرة كُتاب مخضرمين (كانوا صغار) بمخرجات الكُتّاب الشباب اليوم.
- سيبقى من يستحق البقاء من الشباب، وسيتعلم من يجب عليه أن يتعلم ليتتطور … الفرصة أولاً وأخيراً.
- لماذا أصلاً يوجد تقييم للكتابة؟ … الكتابة ليست بالضرورة أن تكون ما يطلبه المستمعون، وبالطبع لن أُشجع أي أحد على كتابة أي شيء والسلام!
أصبح الخوف هو الرادع الأول لكل شاب يُريد أن يكتُب في زمن لا يجب فيه الخوف! … أصبح الملحد والمتطرف والليبرالي وسيدات الوتساب وغيرهم يملكون منصات على الإنترنت ينشرون فيها ما يريدون دون الرجوع لأحد، ودون الأخذ في الإعتبار حس أو ذوق القراء، وهُنا أجد أن من الأولى للمحاولات (العادية) من الشباب أن تأخذ مساحتها، لأننا في حاجة للمزيد من الكُتاب، وليس للمزيد من المحبطين!
موضة الكتاب ستُربي موضة قراءة كما قلت… ولن أُخفي على القارئ الكريم أن الكثير مِن أحبائي قد جاملوني بإقتنائهم لكتابي … وقرأوه لأن صديقهم قد كتبه، وليس لأنهم يحبون القراءة. أجد أن موضة وظاهرة الكُتاب الشباب ستخرج بالعديد من المفاجئات خلال السنوات القادمة … فمثلاً من كان يتوقع هذا النجاح لروايتي حوجن وهُناك للأخ إبراهيم عباس؟ … ومن قد يعي من المخضرمين قبل عامين أن سعود السنعوسي قد حصل على البوكر لرواية أقل ما يُقال عنها أنها تحفة فنية: ساق البامبو.
وأكرر … لعل الطريق للوصول إلى خمسة روايات مشابهة هي عبر المرور على خمسمئة رواية سخيفة!
دعوا الشباب الكُتاب وشأنهم أيها المثقفين!
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.