تخطى الى المحتوى

المطبخ مكان بعض الرجال ... وليست تلك المناصب

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

كُنت أجلس في أحد مقاهي ستاربكس صباح الجُمعة الماضي … اخترت صباح الجمعة هروباً من ملهيات أيام الأسبوع وأعماله التي لا تنتهي، وعادة ما تكون هذه الأوقات هدفاً بالنسبة لي للبحث عن الخلوة مع الذات أو استرجاع بعض الأمور التي تتطلب عمق ومساحة في تفكير بعيداً عن زحمة الروتين.

تفاجئت بدخول السيد “خالد المعينا” مصطحباً إحدى حفيداته الصِغار داخل المقهى … وبعد السلام والتحية الحارة التي اعتدتها منه كلما رأيته، أخبرني بآخر تفاعل كان قد قام به منذ عدة أيام بتركه لمنصبه في «صحيفة سعودي جازيت » خالفاً ورائه السيدة الكريمة «سُمية الجبرتي ».

 

لم استوعب وقتها هذا الخبر … فهل كانت المشكلة فالعم خالد؟ … أم غرابة توظيف سيدة في هذا المنصب!، أو التوقيت المبكر نسبياً لمغادرته! .. عموماً لم استوعب مئة في المئة ماقاله.

استطعت اقتناص اللحظات أثناء انشغال « العم خالد »

بطلب القهوة لعائلته وأبنائه، لأسئله: كيف ذلك؟ وهل تم الموافقة على قبول سيدة بهذا المنصب (الكبير نسبياً)؟

لكن لحظة …

لم أسمع بحياتي عن سيدة سعودية تقلدت هذا المنصب؟ هل هي الأولى حقاً؟

 أجابني بلكنته الإنجليزية المتقنة: “She is Qualified” – «إنها مؤهلة لذلك!»

خجلت من خواطري العقلية وقتها التي قادتني للنظر في الأمر بشكل تقليدي بعيداً عن سؤالي للأستاذ خالد عن إمكانيات السيدة سُمية (لم أتشرف باللقاء بها بصفة شخصية)، خجلت من نفسي عندما نسيت أو تناسيت أن زوجتي تعمل كمشرفة صيدلية في أحد أكبر مستشفيات جدة! وأن الكثير من السيدات ربما كانوا يستحقون هذه المناصب (وأكبر) منذ زمن بعيد، بل أن صراع مضحك قد دار بداخلي عندما تخيلت مجتمع الإعلام الحالي وهو يتعامل بشكل يومي مع رئيسة تحرير ربما تُفوق بعض زملائها المتحذلقين والمتهكمين في القوة والإمكانات.

أجد قرار تعيينها وتعيين المرأة السعودية في منصب إعلامي حساس كهذا خطوة نحو الأمام بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، متجاوزين سنوات قليلة عن ماضي كان يرى بضرورة الوصاية حتى على من هم أكبر سناً وعقلاً من الوصي نفسه.

وأتذكر الآن ردة فعلي وأنا على حسابي في تويتر عندما انهال علي الضحك بعد قراءة أحد الإخوة معلقاً على تغريدة في السياسة من قبل الأخت “ميسون السويدان” (إبنة الداعية د.طارق السويدان) وهو يقول:

 “ما شأنك أنتي في السياسة … المرآة مكانها المطبخ يا ميسون”

لترد عليه: “لقد حصلت على شهادة الماجستير في الفلسفة في واحدة من أعظم جامعات العالم (جورج واشنطن) ودرست عند أعظم رواد الفلسفة المعاصرين، أعتقد أن المطبخ مكانك أنت يا سيدي”.

لتؤكد لي كما أكدت لي زوجتي من قبل … أن المطبخ أحياناً هو المكان الأفضل لبعض الرجال … وأسأل الله أن لا أكون منهم في أي وقت ومكان.

شؤون اجتماعيةقصص قصيرة

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

اقتراحات يوليو ٢٠٢٤م: بودكاست وكُتب وأماكن

كان من المثير للدهشة بالنسبة إلي، أن اقتراحات يونيو ٢٠٢٤م قد لاقت تفاعلًا من القريبين أكثر من القرّاء، وهذا أمرٌ لطيف في الحقيقة، لكيلا يشعر المُقترِح أنه «يكلم جدار» مع اقتراحاته. عمومًا، لا يمكن أن أُعطي اقتراحات خارجية، قبل أن أحصل على شيء من

اقتراحات يوليو ٢٠٢٤م: بودكاست وكُتب وأماكن
للأعضاء عام

لماذا تطرد برشلونة سُيّاحها؟ (الموضوع أعقد مما نتصور)

ربما يكون أحيانًا تغيُر نمط حياتهم البسيطة بشكلٍ جذري سببًا كافيًا لعدم تحمّل الضيوف!

لماذا تطرد برشلونة سُيّاحها؟ (الموضوع أعقد مما نتصور)
للأعضاء عام

قصة الحادث الذي لم يغيّر حياتي - الجزء الأول

تريدون قصة؟ سأحكي لكم واحدة. كُنت أدرس في المرحلة الثانوية عام ٢٠٠٤م. اتصلت على أحد الأصدقاء (الذين تخرّجوا)، واتفقت معه أن يمر عليَ صباح اليوم التالي ليقلّني من البيت بسيارته في تمام الساعة السابعة صباحًا، في الفترة التي كان فيها معظم من في سني لا يملكون

قصة الحادث الذي لم يغيّر حياتي - الجزء الأول