تخطى الى المحتوى

تخيل أن يدفع راتبك شخص ميت!

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

 يحكي Robert Gotlieb المحرر المعروف والذي عمل في أكثر من دور نشر مشهورة في الولايات المتحدة على مدار خمسين سنة، أنه عند انتقاله من العمل في «سايمون أند سوشتر» إلى دور النشر المعروفة الأخرى «كنوف» لم تكن الأخيرة محققة أرباحاً جيدة تغطي مصاريف الشركة. ويذكر في مذكراته في كتاب Avid Reader أن كتاب النبي لجبران خليل جبران وحده، كان له الفضل بتسديد رواتب الموظفين وراتبه في تلك الفترة، فمثله ومثل كتاب «كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر على الآخرين» لديل كارنيجي، لم تتوقف مبيعاتهم أبداً حتى كتابته لمذكراته منذ ذلك الوقت.

استوقفني هذا الأمر في الحقيقة، فقد توفي جبران في عام ١٩٣١ وقد نُشر كتاب النبي عام ١٩٢٣ الذي تولت دور نشر كنوف طباعته وتوزيعه، ليأتي أشخاص بعد أكثر من عشرين سنة مثل جوتليب وزملائه يتقاضون رواتبهم الشهرية من مبيعات كتابٍ صغير (لا يتجاوز ١١٠ صفحة) لشخص ميت!

قراءتي الشخصية لهذه الفقرة من مذكرات جوتليب، تُعطيني مؤشراً واضح على مدى قيمة مفهوم ترك الأثر، والذي يستمر بعد ممات الإنسان لفترات تحددها أهمية وجودة العمل. فلا أحد يعلم من هم أبناء جبران (إن كان لديه أبناء أو بنات) ولا يعلم أحد أسماء أبناء آينشتاين، أو بيل جيتس أو ستيڤ جوبز أو غيرهم من العظماء. لكن يعلم الجميع إنجازاتهم.

استوعبت تماماً في هذا العام أن ترك الأثر أكثر أهمية من بناء الثروات عند قياسنا لمفهوم النجاح، فلا شيء يعوض العمل الحقيقي ونقل المعرفة، وربما أي مهنة قد تعوض نقص المال.

ركز على ترك الأكثر وتغيير حياة الآخرين، هذا ما أذكر به نفسي طيلة الوقت.

مقالات عن الانتاجيةمقالات عن سلوك الفنانين

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

كيف نتعامل مع كثرة الأهداف في حياتنا؟ (ملفّات القرّاء ٤)

مساء الخير أُستاذ أحمد، جزيل الشكر على هذه المدونة الجميلة والمفيدة، سؤالي: كيف يتعامل الإنسان مع كثرة الأهداف في حياته؟ حينما يحاول التخطيط للفترة القادمة، يجد أهدافاً كثيرة على جميع المستويات إيماني، تخصصي، معرفي، اجتماعي ومالي وغيرها! وكلما حاول عمل فلترة، يجد هذه الأهداف والأمنيات ملحة! فيزداد حيرة؛ يخاف

كيف نتعامل مع كثرة الأهداف في حياتنا؟ (ملفّات القرّاء ٤)
للأعضاء عام

فيما يخص تعليق الشهادات على الجِدار (رسالة قارئة)

عن المقالة السابقة بعنوان في تعليق الشهادات على الجِدار. وصلتني رسالة لطيفة، أعتقد إنها تستحق النشر. هنا رد قارئة كريمة اسمها السيدة/ شيخة علي الخروصية: فيما يخص أهمية الشهادات المهنية سأحكي لكم عدة أحداث أو مواقف مررت بها لعلها تضيف شيئاً لكم. أحدثها أننا في قسمنا ممثلين المؤسسة بأكملها

للأعضاء عام

أقف حائرًا مرة أخرى أمام نصائح الانترنت

أفهم جيدًا أن معظم النصائح التي تأتي من أماكنٍ عشوائية من الإنترنت هي محل تساؤل. وأفهم جيدًا أن ليس كُل ما يُقال قابل للتصديق. ورغم هذا (الادعاء)، فإن شيئًا داخلي لا يستجيب بنفس القدر. أتأثر وأتحمس للبعض، وأستنكر تمامًا آخرين. أتابع عشرات الحسابات التي

أقف حائرًا مرة أخرى أمام نصائح الانترنت