تخيل أن يدفع راتبك شخص ميت!
يحكي Robert Gotlieb المحرر المعروف والذي عمل في أكثر من دور نشر مشهورة في الولايات المتحدة على مدار خمسين سنة، أنه عند انتقاله من العمل في «سايمون أند سوشتر» إلى دور النشر المعروفة الأخرى «كنوف» لم تكن الأخيرة محققة أرباحاً جيدة تغطي مصاريف الشركة. ويذكر في مذكراته في كتاب Avid Reader أن كتاب النبي لجبران خليل جبران وحده، كان له الفضل بتسديد رواتب الموظفين وراتبه في تلك الفترة، فمثله ومثل كتاب «كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر على الآخرين» لديل كارنيجي، لم تتوقف مبيعاتهم أبداً حتى كتابته لمذكراته منذ ذلك الوقت.
استوقفني هذا الأمر في الحقيقة، فقد توفي جبران في عام ١٩٣١ وقد نُشر كتاب النبي عام ١٩٢٣ الذي تولت دور نشر كنوف طباعته وتوزيعه، ليأتي أشخاص بعد أكثر من عشرين سنة مثل جوتليب وزملائه يتقاضون رواتبهم الشهرية من مبيعات كتابٍ صغير (لا يتجاوز ١١٠ صفحة) لشخص ميت!
قراءتي الشخصية لهذه الفقرة من مذكرات جوتليب، تُعطيني مؤشراً واضح على مدى قيمة مفهوم ترك الأثر، والذي يستمر بعد ممات الإنسان لفترات تحددها أهمية وجودة العمل. فلا أحد يعلم من هم أبناء جبران (إن كان لديه أبناء أو بنات) ولا يعلم أحد أسماء أبناء آينشتاين، أو بيل جيتس أو ستيڤ جوبز أو غيرهم من العظماء. لكن يعلم الجميع إنجازاتهم.
استوعبت تماماً في هذا العام أن ترك الأثر أكثر أهمية من بناء الثروات عند قياسنا لمفهوم النجاح، فلا شيء يعوض العمل الحقيقي ونقل المعرفة، وربما أي مهنة قد تعوض نقص المال.
ركز على ترك الأكثر وتغيير حياة الآخرين، هذا ما أذكر به نفسي طيلة الوقت.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.