رسالة لحياة ... عن صراع الذات واختيار أحد تخصصين
أختي العزيزة …
بخصوص تساؤلك إن كان عليك التركيز في تخصص الطب أم فنك وكلاهما محبب بالنسبة لكِ … أقول لكِ ما المانع أن يكون لديك تخصصين؟
ونستون تشرتشل كان سياسي وإداري حرب، ورسام وكاتب انشغل بعد انتهاء رئاسته عدة سنوات طويلة ليكتب مذكراته عن الحرب العالمية، وأيضاً المرحوم د. مصطفى محمود كان كاتب ومسرحي وعالم بيولوجي … له أكثر من ٨٠ مؤلف إضافةً لتأسيسه مستشفى ضخم في مصر كان له الفضل بعد الله في معالجة الكثيرين، وغيرهم الكثير من الأمثلة كليوناردو دافينشي وبينجامين فرانكلين.
شخصياً … أجد أن مفهوم الفن بالنسبة لي يختلف قليلاً عما يراه الكثيرين … فالفن سلوك بالدرجة الأولى، والسلوك عبارة عن مجموعة عادات مستمرة طيلة العمر مصاحبة بطاقة عاطفية كبرة اتجاه العمل … أول عنصر يجب أن يكون موجوداً هو «الحب» وإلا سيكون الأمر مثل حمل ما لا نستطيع حمله من هموم.
نحتاجك في هذا العالم في كل حالاتك … نحتاجك وأنتي رسامة(دون حاجتك بأخذ الإذن من أحد).
وقد أحتاجك أيضاً -لا قدر الله- عندما أريد منك معالجة إبنتي.
لا توجد حقيقة في بالي إجابة صريحة ومباشرة لتساؤلك … ولكن كل ما أعرفه أن من حقك العمل طيلة الوقت على ما تحبين، لكي تغيري شخصاً أو شيئاً ما.
ميزة الفن (بغض النظر عن نوعه)… أنه يطلق أقصى ما يمكن لكِ من قدرات عقلية، ولعل أهم عنصر في النجاح فيه هو الاستمرارية ودون انقطاع.
شخصياً …. أملك يوم مزدحم، لدي زوجة وبنات، ولدي شركة أديرها … ولدي حب وشغف للقراءة والكتابة والفنون … ولا يمكن لي أن أستغني عن أياً منهم في حياتي.
أصبحت أستيقظ مبكراً (مبكراً جداً كل يوم) لكي أمارس عادة الكتابة والتي ربما تغير شخصاً ما … وألغيت الكثير من الإلتزامات الإجتماعي في وسط الأسبوع مساءاً … في محاولة جدية لأقترب أكثر من قراءاتي وبحثي ومن أسرتي.
آعتذر إن قلت لك أنني أصبحت (ولو كان هذا الأمر في القليل من المبالغة) لا أحرص كثيراً على حضور العزوات والأفراح لأنني أحاول بكل جد أن أنشغل عنها بخلق شيء مفيد أكثر من حضوري هناك.
والسؤال … هل نجحت في هذا الأمر؟ … لا
لأن المجتمع والحياة تسحبني طيلة الوقت لكي أتعايش مع ظروفها، ولازلت حتى كتابة هذه الكلمات أواجه هذا التحدي الكبير. ولا زلت أقول … والله أن الأمر ليس سهلاً!
والمشكلة أن كل يوم يزداد هذا الأمر صعوبة، فكيف أريد أن أصرف المزيد من الوقت مع حبي مثلاً للكتابة والقراءة والعمل والتي تستنزف الكثير من الوقت والجهد الذهني، وأحب أن أكون اجتماعياً في نفس الوقت!
ربما «أعترف الآن» أنني لستُ على ما يُرام في حياتي الخاصة والاجتماعية، لكن لا بأس … طالما أنني استوعبت أن هذا الأمر عبارة عن حرب داخلية عاشها الكثير من الفنانين (وربما الكثير من الناجحين).
أختم كلامي … بأن أطلب منكِ تكرماً أن لا تستغني عن حبك لتخصصك ولفنونك القادمة … الاستمرارية والروتين والإنضباط (كلها صعبة ومجهدة) هي العناصر الوحيدة للنجاح في كلا التخصصين.
ربما من الواجب عليك أن تنشغلي في فنونك ساعتين على الأقل قبل دوامك … هذه النصيحة الأبسط في رأيي.
وأضيف (لنفسي أيضاً) … أن نُسدد ونقارب دوماً.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.