تخطى الى المحتوى

رسالة لحياة ... عن صراع الذات واختيار أحد تخصصين

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

أختي العزيزة …

بخصوص تساؤلك إن كان عليك التركيز في تخصص الطب أم فنك وكلاهما محبب بالنسبة لكِ … أقول لكِ ما المانع أن يكون لديك تخصصين؟

ونستون تشرتشل كان سياسي وإداري حرب، ورسام وكاتب انشغل بعد انتهاء رئاسته عدة سنوات طويلة ليكتب مذكراته عن الحرب العالمية، وأيضاً المرحوم د. مصطفى محمود كان كاتب ومسرحي وعالم بيولوجي … له أكثر من ٨٠ مؤلف إضافةً لتأسيسه مستشفى ضخم في مصر كان له الفضل بعد الله في معالجة الكثيرين، وغيرهم الكثير من الأمثلة كليوناردو دافينشي وبينجامين فرانكلين.

شخصياً … أجد أن مفهوم الفن بالنسبة لي يختلف قليلاً عما يراه الكثيرين … فالفن سلوك بالدرجة الأولى، والسلوك عبارة عن مجموعة عادات مستمرة طيلة العمر مصاحبة بطاقة عاطفية كبرة اتجاه العمل … أول عنصر يجب أن يكون موجوداً هو «الحب» وإلا سيكون الأمر مثل حمل ما لا نستطيع حمله من هموم.

نحتاجك في هذا العالم في كل حالاتك … نحتاجك وأنتي رسامة(دون حاجتك بأخذ الإذن من أحد).

وقد أحتاجك أيضاً -لا قدر الله- عندما أريد منك معالجة إبنتي.

لا توجد حقيقة في بالي إجابة صريحة ومباشرة لتساؤلك … ولكن كل ما أعرفه أن من حقك العمل طيلة الوقت على ما تحبين، لكي تغيري شخصاً أو شيئاً ما.

ميزة الفن (بغض النظر عن نوعه)… أنه يطلق أقصى ما يمكن لكِ من قدرات عقلية، ولعل أهم عنصر في النجاح فيه هو الاستمرارية ودون انقطاع.

شخصياً …. أملك يوم مزدحم، لدي زوجة وبنات، ولدي شركة أديرها … ولدي حب وشغف للقراءة والكتابة والفنون … ولا يمكن لي أن أستغني عن أياً منهم في حياتي.

أصبحت أستيقظ مبكراً (مبكراً جداً كل يوم) لكي أمارس عادة الكتابة والتي ربما تغير شخصاً ما … وألغيت الكثير من الإلتزامات الإجتماعي في وسط الأسبوع مساءاً … في محاولة جدية لأقترب أكثر من قراءاتي وبحثي ومن أسرتي.

آعتذر إن قلت لك أنني أصبحت (ولو كان هذا الأمر في القليل من المبالغة) لا أحرص كثيراً على حضور العزوات والأفراح لأنني أحاول بكل جد أن أنشغل عنها بخلق شيء مفيد أكثر من حضوري هناك.

والسؤال … هل نجحت في هذا الأمر؟ … لا

لأن المجتمع والحياة تسحبني طيلة الوقت لكي أتعايش مع ظروفها، ولازلت حتى كتابة هذه الكلمات أواجه هذا التحدي الكبير. ولا زلت أقول … والله أن الأمر ليس سهلاً!

والمشكلة أن كل يوم يزداد هذا الأمر صعوبة، فكيف أريد أن أصرف المزيد من الوقت مع حبي مثلاً للكتابة والقراءة  والعمل والتي تستنزف الكثير من الوقت والجهد الذهني، وأحب أن أكون اجتماعياً في نفس الوقت!

ربما «أعترف الآن» أنني لستُ على ما يُرام في حياتي الخاصة والاجتماعية، لكن لا بأس … طالما أنني استوعبت أن هذا الأمر عبارة عن حرب داخلية عاشها الكثير من الفنانين (وربما الكثير من الناجحين).

أختم كلامي … بأن أطلب منكِ تكرماً أن لا تستغني عن حبك لتخصصك ولفنونك القادمة … الاستمرارية والروتين والإنضباط (كلها صعبة ومجهدة) هي العناصر الوحيدة للنجاح في كلا التخصصين.

ربما من الواجب عليك أن تنشغلي في فنونك ساعتين على الأقل قبل دوامك … هذه النصيحة الأبسط في رأيي.

وأضيف (لنفسي أيضاً) … أن نُسدد ونقارب دوماً.

مقالات عن الانتاجيةمقالات عن سلوك الفنانين

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

كيف نتعامل مع كثرة الأهداف في حياتنا؟ (ملفّات القرّاء ٤)

مساء الخير أُستاذ أحمد، جزيل الشكر على هذه المدونة الجميلة والمفيدة، سؤالي: كيف يتعامل الإنسان مع كثرة الأهداف في حياته؟ حينما يحاول التخطيط للفترة القادمة، يجد أهدافاً كثيرة على جميع المستويات إيماني، تخصصي، معرفي، اجتماعي ومالي وغيرها! وكلما حاول عمل فلترة، يجد هذه الأهداف والأمنيات ملحة! فيزداد حيرة؛ يخاف

كيف نتعامل مع كثرة الأهداف في حياتنا؟ (ملفّات القرّاء ٤)
للأعضاء عام

فيما يخص تعليق الشهادات على الجِدار (رسالة قارئة)

عن المقالة السابقة بعنوان في تعليق الشهادات على الجِدار. وصلتني رسالة لطيفة، أعتقد إنها تستحق النشر. هنا رد قارئة كريمة اسمها السيدة/ شيخة علي الخروصية: فيما يخص أهمية الشهادات المهنية سأحكي لكم عدة أحداث أو مواقف مررت بها لعلها تضيف شيئاً لكم. أحدثها أننا في قسمنا ممثلين المؤسسة بأكملها

للأعضاء عام

أقف حائرًا مرة أخرى أمام نصائح الانترنت

أفهم جيدًا أن معظم النصائح التي تأتي من أماكنٍ عشوائية من الإنترنت هي محل تساؤل. وأفهم جيدًا أن ليس كُل ما يُقال قابل للتصديق. ورغم هذا (الادعاء)، فإن شيئًا داخلي لا يستجيب بنفس القدر. أتأثر وأتحمس للبعض، وأستنكر تمامًا آخرين. أتابع عشرات الحسابات التي

أقف حائرًا مرة أخرى أمام نصائح الانترنت