عدد القراء، أم جودة القراء أهم؟
نقاش جدلي يتكرر معي دائماًَ يبدأ بسؤال: هل من المعقول أن ينشر الإنسان أي شيء يكتبه؟
وربما أقول أنك من الصعب أصلاً أن تُحدد إن كان ما سيُنشر ذو تأثير أو دون تأثير.
وتعقيباً على مقالة الأمس؛ لماذا توقفت عن حساب عدد قراء المدونة؟. شاركني أخي محمد خان معلقاً على المقالة:
«أنت تحتاج إلى quality readers
وليس إلى quantity of readers
أينشتاين لا يقرأ له كل الناس
وبيكاسو لا يهتم برسوماته كل الناس»
في الحقيقة أجد رأيه في محله، وربما أقول بأن التحدي الأكبر لكل كاتب بأن يزيد عدد قراء الجودة عوضاً عن العدد، وكذلك مع استهداف نفس النوعية من المتابعين لكل عمل آخر. فالكاتب عموماً لسبب أجهله، يملك في معظم الحالات زخماً لا يستحقه … فقط لأنه كاتب.
مشكلة الأعمال السطحية (على الأغلب) أنها سهلة الإنتاج، لا تتطلب الكثير من البحث والتدقيق والتقصي وخلق مفاهيم تدعمها، ومع ذلك تجدها أحياناً تنتشر بغزارة لفترة مؤقتة، ينسى تأثيرها الجمهور عند غياب صاحبها، وهذا الأمر لا يحصل مع الفنان/الكاتب الباحث عن جودة المتلقي، تماماً كما بقيت أعمال آينشتاين على زخمها حتى يومنا الحاضر؛ لماذا؟ … لأنها أعمال استحقت البقاء.
ليو تولستوي … ألَف «الحرب والسلام» قبل أكثر من مئة عام، ولازالت حتى اليوم تُباع في المكتبات، بل أن الروسيين أقاموا تماثيل عديدة له تخليداً لذكراه (أو لذكرى أعماله) التي اتسمت بثقل أدبي عميق مثل الحرب والسلام، وأنا كارينينا والتي صُنع فيلم جميل مؤخراً.
أزعم أن أمثال تولستوي وآينشتاين خلقوا أعمالاً لا يمكن لأعداد كبيرة أصلاً من الناس العاديين تشرُبها، لتزداد أهميتها عقداً بعد عقد.
فلا يصح إلا الصحيح … الأعمال الحقيقية تبقى، والأعمال السطحية … سطحية.
وملاحظتي الأخيرة اليوم … أن الوصول للأعمال الحقيقية تتطلب الكثير من إنتاج الأعمال السطحية، التي يُصيب ويخطئ فيها الفنان حتى يخلق أعماله الحقيقية، وحتى يؤمن به شخص ما أنها أعمال حقيقية، ليتحول بعدها المتلقيين «ذو جودة»، وتصبح بعد ذلك الأعمال أعمال خالدة.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.