عن الاستمرار في البقاء داخل الحلَبة
تناولت الغداء مع أحد الأصدقاء وسألني سؤال أعرف إجابته مسبقًا إلا إنني لم أفكر بالحديث عنه، وهو: عن الفرق بين «الكتابة» (Writing) وبين «كتابة المذكّرات» (Journaling)؟
ووجدت أن إجابتي المباشرة كانت في وصف «كتابة المذكّرات» إنها «ما لا يظهر للآخرين».
في الحقيقة، نادرًا ما أقوم بتدوين المذكّرات بيني وبين نفسي. وبالطبع لا أملك شيئًا ضد هذا الفِعل. ولا أعرف السبب الحقيقي الذي يجعلني أعتبر أن مدونتي (أو صفحتي الشخصية) التي أنشر من خلالها المقالات بمثابة المذكّرات؛ وإن كان الآخرين يقرؤونها. إلا إنها على كل حال أجدها مذكّرات لتوثيق الأفكار والمشاعر، أكثر من كونها فضفضة عاطفية شخصية.
«على الرغم من أن الدخول إلى الحلبة قد يكون أمرًا سهلاً، إلا أن البقاء هناك لفترة طويلة أمر صعب. ونحن الروائيون ندرك ذلك بالطبع. ليس من الصعب كتابة رواية، وربما حتى اثنتين. لكن الاستمرار في الإنتاج والعيش على ما نكتبه والبقاء على قيد الحياة شيء آخر تمامًا».
– موراكامي، هاروكي. الروائي كمهنة (ص7).
ما قاله موراكامي دقيق. فالممارسة – اليومية في حالتنا – تُعتبر شكل من أشكال الاستمرار الذي يبحث الإنسان فيه عن حلبة يتصارع فيها مع نفسه. وأكبر تحدٍ لا يخرج عن القدرة على الاستمرار. وفي كلا الحالتين المذكورة بداية.. البقاء على الكتابة هو ما يجعل الأفكار على قيد الحياة.
لا أستطيع أن أنصح القارئ الكريم أن يكتب مذكراته أو ألا ينشرها مباشرة – كما في حالتي – إلا أن تشجيعي ينحصر في أهمية ممارسة الكتابة من ناحية المبدأ. لأن الإنسان يتغلّب معها على نفسه (فقط إن انتظم) بمساحة أعمق من التفكير، وأيضًا، التشجّع على رؤية ما يدور في عقله أمام عينيه. وبالطبع، ألا يخاف من نفسه ومن أفكاره.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.