تخطى الى المحتوى

لماذا تُصبح الصِعاب أسهل مع الوقت؟

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
2 دقائق قراءة

أقنِع أحد الشباب المقبلين على الحياة بالتفاصيل التالية:

إنك ستتزوج، وستكون مسؤولًا عن البيت ومصاريفه ومشاكله وصيانته، ومسؤولًا عن كل فرد فيه. وفي العمل هناك احتمالية أن تعمل تحت شخص كريه، لا يحبسك تسع ساعات كل يوم فقط؛ بل قد لا يكون مهذّبًا ولا يدعمك في أي شيء، وقد لا يكفيك راتبك أصلاً عوضًا عن التفكير بالاستقالة. ستواجه مصاعب مادية، وستقضي جزءً لا بأس به من سنواتك وأنت مدين للبنوك وبطاقات الائتمان. بعدها سيأتيك أبناء، ستكون مسؤولًا عن حفائضهِم وحليبهم، وإن مرضوا ستأخذهم في أنصاص الليالي للمستشفى، ناهيك عن ليالٍ طويلة قبلها دون نوم بسبب المغص، وستنسى مؤقتًا الخرجات اليومية مع أصدقائك، وستنسى معها دلالك لنفسك بشراء قميص قوتشي وسفرات «الهبقة». طبعًا دون أن نتحدث عن ضغط كل من حولك بتوفير عاملة منزلية، والالتزام بالمناسبات الاجتماعية، وشراء الكثير من الأمور التي تعتقد أن لا قيمة منها. وبالتأكيد ستكتشف نوعًا جديدًا من المشاكل التي لم تخطر على بالك مع كل سنة تكبُر فيها.

هل سيُصاب بالإحباط؟ نعم.

في المقابل ننسى أن سُنّة الحياة بتحدياتها التي ستواجهه وتواجهنا كلنا أمرٌ بديهي؛ لكن لا أحد يُخبر هذا الشاب أن هناك سحرًا ما يحدث فيها أُسمّيه: الخبرة.

الخبرة التي تجعله يحل كل المصاعب والتحديات مع كثرتها، وستجعله مرتاحًا في الجانب الأكبر من حياته بعدها.

الخبرة تجعل الكثير من المشاكل بعد أن نتجاوزها بسيطة الحل إن تكررت. تكبر مع التجارب حزمة من الخبرات الصغيرة في العمل والبيت والمسؤولية، تتحول إلى لعبة استمتاع. ويتحول مغص الأطفال والليالِ الصعبة والحفائض والعمل والمسؤوليات كلها إلى سببٍ إضافي يجعلنا نُقبِل على الحياة أكثر، ننظر إلى أعمالنا، والمسؤوليات – خصوصًا الأطفال – أنهم رزق كما ذكّرتني أختي العزيزة سارة العمودي.

سِحر الخبرة يتشكّل عندما نستوعب أننا نستطيع تجاوز المشاكل لأنها مرّت علينا. ولا داعي للمزيد من الدراما. الخبرة شكل من أشكال المكافآت الربّانية التي يتنعّم الانسان فيها بقدرته على التكيُّف والانسجام مع كل تحدٍ وكل تغيُّر.

الخبرة إن نظرت إليها من باب التعّلم والاستمتاع، ستكون كذلك أكثر من كونها عبئ يجب أن تمر فيه.

لا يجب أن نُخبر المقبلين على الحياة أن أمامهم ما يُحبِطهم، بقدر تذكيرهم أنهم سينمون ويتغيرون إلى نُسخٍ أفضل من أنفسهم.

الخبرة إن تبنّيناها كدروس بدلًا من الخوف، ستختصر الطريق في العمل ومسؤولية البيت، وتترك مساحات للاستمتاع.

 

شؤون اجتماعية

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

عن العيش كشخص عادي في المنتصف

أحد أصدقائي العزيزين والمسؤولين في شركة «المحتوى» في البودكاست أخبرني الجملة التالية: «أداؤك عادي، ولا تملك قبولًا كبيرًا كمستضيف». لم يقل أداؤك سيئ، ولم يقل أداؤك خارقاً للعادة، قال بما معناه: «أنت مستضيفٌ عادي». «العادي».. هو شكل معظم حياتي. وهو موضوعي اليوم. وُلدت أصغر إخوتي، ولكنني اعتدت

عن العيش كشخص عادي في المنتصف
للأعضاء عام

عندما فقدت ابني سألت نفسي: لماذا نحن هنا؟

مقالة ضيف

عندما فقدت ابني سألت نفسي: لماذا نحن هنا؟
للأعضاء عام

اقتراحات أغسطس ٢٠٢٤م: ألذ مطعم لحم أوصال في العالم

مطاعم: * قبل ثلاثة أسابيع، شرّفنا أخيرًا أحد أبناء إخوتي الذي يزورنا بشكلٍ موسمي كل ثلاثة أشهر، في اجتماع العائلة الأسبوعي. وحكى لي القصة التالية: اقترح عليه صديقه أن يزوروا مطعماً يقدّم ألذ لحم أوصال في العالم، وموقعه في مدينة جدة، خلف سوق الشعلة، اسمه «مشويات بيت الشهباء»

اقتراحات أغسطس ٢٠٢٤م: ألذ مطعم لحم أوصال في العالم