لماذا لا تنتهي قصص الأطفال نهايات سعيدة؟
يقول الكاتبين Iben Sandahl و Jessica Joelle Alexander في كتابهم طريقة الدنماركيين في التربية (The Danish Way OF Parenting) أن أحد أشهر كُتاب قصص الأطفال في العالم الدنماركي Hans christian Andersen والذي كتب «ماريميد الصغيرة» و«ملكة الثلج» لم يتعمد في معظم قصصه أن ينهيها نهايات سعيدة؛ بل أنه لم يركز فيها أصلاً على خلق نهايات قد تكون لائقة لأحداث وشخصيات القصص نفسها، بل على العكس، انتهت معظم قصصه نهايات تراجيدية مخالفة لم قد يتوقعه المتلقي العادي.
يعود تحليل الكاتبين بأن أحد أهم وسائل تربية الدنماركيين – الشعب الأسعد في العالم – يعتمد بشكل رئيسي على ركيزتين وهي أولاً: أن الأطفال يجب أن يتعايشوا ويتعلموا من القصص؛ واقع حياتهم «وأصالتها» على حد تعبيرهم حتى وإن كانت من خلال الشخصيات الخيالية، فليست بالضرورة كل النهايات يجب أن تكون سعيدة، بل أحياناً تكون النهايات بل ومعظمها في قصص آندرسن حزينة.
والركيزة الثانية هي إتاحة الفرصة للأطفال لخلق سيناريوهات أفضل لحياة أبطال وشخصيات هذه القصص عند نهاياتها، ليكون لكل واحدٍ فيهم اطلع على تلك القصص حلوله الخاصة التي يقترح تطبيقها مع من يناقشه فيها أو من يرويها لهم من الكِبار.
تعتبر التربية عبر حكايات ما قبل النوم لدى الدنماركيين جزءاً مهم في ثقافتهم لإنشاء أجيال سعيدة على حد قول الكاتبين، بل أن مساعدة الأطفال لاكتشاف أنفسهم وتشغيل مخيلتهم وعقولهم من خلال هذا الأمر أحد الأمور التي يرون أنها لا تستدعي تدخلات مباشرة من قبل الأهالي، فإن وجد الطفل في كل موقف وعند كل قصة أجوبة وحلول مبررة (وسعيدة)، فلن يسعه النمو مع عقلية ابتكار للحلول وخلق المزيد من المساحات لتجربة ما نسميه نحن الراشدين «خبرة الحياة».
ويعتقد الكاتبين أيضاً أن المربيين البريطانيين وكُتّابها كانوا قد أساءوا تعديل نهايات قصص الأطفال لديهم لتصبح ذات نهايات سعيدة على الأغلب، ليقودهم هذا الأمر لمهمة ليست سهلة من ناحية أخرى في إقناع الأطفال بشكل غير مباشر أن الحياة على الأغلب يجب أن تنتهي نهايات سعيدة، حتى وإن اقتنع الطفل أن القصص قصص شخصيات خيالية.
ربما يعلق أحدهم هنا ويقول، أن الأمر هو عبارة عن مجرد نظرة تفاؤلية من قبل البريطانيين ولا يجب أن يكون مأساوياً في المقارنة مع الدنماركيين (أو في المقارنة مع الثقافات الأخرى)، لكن يظل الواقع يفرض نفسه حسب المؤشرات العالمية أن الشعب (والأطفال) الدنماركيين هم الأسعد نهاية المطاف.
على كل حال … ربما تكون ثقافة القصص أحد أهم جوانب السعادة في الثقافة الدنماركية التربوية، لكنها بالتأكيد ليست الأهم، وليست الوحيدة التي جعلت منهم الأسعد في العالم.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.