تخطى الى المحتوى

لماذا يدافع الإنسان عن قناعاته؟ حتى وإن كانت على خطأ

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

في مقالة كتبها بول جرام عام ٢٠٠٩م بعنوان «أبقي هويتك صغيرة»، يشرح بتصرّف:

«كقاعدة عامة، فإن أي ذِكر [لموضوع] يخص الدين في منتدى عبر الإنترنت يتحول إلى حجة دينية [يتبناها صاحبها لوقتٍ طويل]. لماذا يحدث هذا مع الدين وليس مع [برمجيات الكمبيوتر مثلًا] أو الخبز أو مواضيع أخرى يتحدث عنها الناس في المنتديات؟ لأن الأمر المختلف مع الدين هو أن الناس لا يشعرون أنهم بحاجة إلى أي خبرة معينة ليكون لديهم آراء حول هذا الموضوع. كل ما يحتاجونه هو المعتقدات الراسخة، ويمكن لأي شخص أن يمتلكها.

لن ينمو أي موضوع عن جافا سكريبت (لغة البرمجة) بنفس سرعة نمو موضوع متعلق بالدين، لأن الناس يشعرون أنه يتعين عليهم تجاوز حد معين من الخبرة لنشر تعليقات حوله. لكن في الدين الجميع خبراء. الدين موضوع لا يوجد فيه عتبة خبرة للتعبير عن الرأي. كل ما تحتاجه هو قناعات قوية … تفسيري المحتمل لهذا الأمر هو أنهم يتعاملون مع الأسئلة التي ليس لها إجابات محددة [يمكن إثبات صحتها القاطعة من عدمها]، لذلك لا يوجد ضغط رجعي على آراء الناس».

ويكمل..

«نظرًا لأنه لا يمكن إثبات خطأ أي شخص، فإن كل رأي صحيح على قدر المساواة، واستشعارًا لذلك، يسمح الجميع بالتحليق برأيه».

كلمتين سرية هنا «يسمح للجميع بالحليق برأيه» و «كل رأي على قدر المساواة» ولأن طبيعة الفرد تميل للانتماء أكثر من ميلها للاستقلال الفِكري، فإن تبني أي رأي وتحويله لهوية، لا يتطلب سوى دفع مبلغ صغير وهو «معتقد راسخ». وهو أمر أرخص من  قد لا تُحتمل.الاستقلالية التامة. فعند الخروج من مسار أي فريق، فإن ردة الفِعل.

والمشكلة..

«لا يمكن للناس أبدًا أن يكون لديهم جدال مثمر حول شيء يمثل جزءًا من هويتهم».

ينطبق هذا الأمر على القناعات التي تتحول فيما بعد لهويات (مثل الأشخاص الذين يتبنون نمط غذائي شديد الصرامة) فتجد الخوف من «ثقب المشاعر» واهتزاز الأنا أكبر من الخوف من اكتشاف الحقيقة كما يشرح الصحفي كريس هيدجيز:

«تكمن طبيعة الوهم في أنه مصمم ليجعلك تشعر بالرضا. عن نفسك، عن مكانك … حول المكان الذي ستتجه إليه – بمعنى: هو يعمل كمخدر. أولئك الذين يشككون في هذا الوهم يتعرضون للتحدي ليس لصدق ما يقولونه، ولكن لثقب تلك المشاعر».

نستبعد الدين هنا.

ربما يكون الحل كما يوضح جرام.. أن على الإنسان تبني هوية صغيرة لنفسه فيما يخص شؤون الحياة. لتظل الخيارات والقناعات دائمًا مفتوحة.

سيكلوجيا الإنسان

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

لا يسأل المدربين لاعبيهم: ما الذي تشعرون به؟

هل يكون التعبير المفرط عن المشاعر واليقين بسوء النفسية (خصوصًا لدى اليافعين) مفيد، بنفس القدر الذي يجب فيه أن يحاولوا أن يتجاهلوه بالانسجام مع مسؤوليات حياتهم اليومية؟ لا نجد في عالم الرياضات التنافسية أن المدربين حريصين على استكشاف مشاعر متدربيهم بنفس القدر على حِرصهم لإنجاز جلسة التدريب التالية،

لا يسأل المدربين لاعبيهم: ما الذي تشعرون به؟
للأعضاء عام

لا يسأل الأطفال عن معنى هذه الحياة

«ما الذي يجعل الحياة جديرة بأن تعاش؟ لا يوجد طفل يسأل نفسه هذا السؤال. بالنسبة إلى الأطفال، الحياة واضحة بذاتها. الحياة غنيّة عن الوصف: سواء كانت جيدة أو سيئة، لا فرق. وذلك لأن الأطفال لا يرون العالم، ولا يلاحظونه، ولا يتأملون فيه، ولكنهم منغمسون بعمق في العالم لدرجة أنهم

لا يسأل الأطفال عن معنى هذه الحياة
للأعضاء عام

مكان الغرباء والأحلام خلف الجميع

في عام الكورونا، زرت هذا المكان أكثر من أربع عشرة مرة. لا أحد أعرفه زاره بنفس القدر.

مكان الغرباء والأحلام خلف الجميع