ماذا نُريد أن يسألنا الآخرون؟
لا أعلم إن كان القارئ الكريم يعاني اجتماعيًا من استلامه المُستمر لأسئلة غير متزنة، أو أسئلة متزنة في أوقات غير صحيحة، أو أسئلة غبية يتم التركيز عليها بشكلٍ زائد عن الحد مع تجاهل تام للأشياء التي تهمه حقًا.
أجلس مثلًا مع صديقي العزيز الذي يشغل منصبًا لا بأس به في إحدى الشركات الكبيرة، أسأله عن عمله وعن المستجدات والملفات التي يعمل عليها هذه الأيام، ليطلب مني مباشرة ودون مقدمات «أن نغير الموضوع».
هذا الصديق يعاني طبعًا من بعض الامتعاض من عمله كأغلبية الناس، وهو مستمرٌ فيه لأن لقمة العيش تتطلب هذا القدر من التضحية، وبنفس القدر نوع من التبلُّد. فالقفز من مكانٍ لآخر ومحاولة الحصول على نفس مميزات العمل ليست سهلة، وهي تزداد صعوبة كلما ارتفع المنصب.
«العمل» يشكل أحد أهم ركائز كينونة الرجال.. لا يشعر الكثير منهم بقيمتهم إلا من خلال إنجازاتهم العملية، ولا أقصد طبعًا النظر لهم من عدسة المناصب والثروة، بقدر ما هي إحساس الأمان والإنجاز الذي يأتي معها، خصوصًا أمام عوائلهم وأصدقائهم. ودائمًا ما أردد: أن إحساس الرجال بأهميتهم عمومًا يأتي من خلال: ١. تقدير مجهوداتهم، ٢. قدرتهم على العطاء (خصوصًا للمقرّبين)، ٣. إحساسهم بالمسؤولية. في حين أن المرأة تشعر بقيمتها في المقام الأول من خلال: ١. أنوثتها، ٢. أمومتها، ليأتي العمل ويكون داعمًا. كما تأتي الوسامة مثلًا لتكون داعمًا للرجال.
يسأل الرجال بعضهم البعض عن الأعمال لأنها الأمر البديهي الذي نُسأل عنه دائمًا. وفي حالتي مثلًا لا أحد يسألني عن آخر طبخة أتقنتها، أو آخر كتاب قرأته، أو عن أي شيء تافه بالنسبة للسائل ومهم بالنسبة لي.
كنت مثلًا أتمنى أن يسألني أحدهم «هل وجدت علاج حقيقي لأزمة الاستيقاظ المبكّر وأنت شبعان نوم؟» أو «هل فعلًا تريد أن يتذكر الناس خِفة الظِل أكثر من جدية الكتابة؟». ماذا عن «الأحلام السخيفة؟».
يسأل الرجال الأسئلة البديهية، والأمور البديهية ليست هي الأهم أحيانًا. وهنا ربما أتأمل تشجيع الجنسين إخبار أحبائهم بشكلٍ مباشر: ما هو الأمر الذي يهمك هذه الأيام والذي تريدني أن أسألك عنه؟
جرب!
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.