تخطى الى المحتوى

ماذا يفعل الأرق (والحمّام) بنا؟

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

أحد أصدقائي الأعزاء نشر مشاركة على الفيسبوك يقول فيها «الأرق يجعل العقل أكثر مرونة»، وأضيف «الحمّام أيضاً!».

في الحقيقة أجد أن مقولة الأرق دون أي خلفية علمية تدعمها (ربما) مقولة صحيحة.

نشرت سابقاً مقالة عن الإبداع الذي يأتينا دوماً ونحن -أعزكم الله- في الحمام أو عند الاستحمام، وعند اعتراض أحد السادة المثقفين الكِبار على مشاركة محتوى المقالة في جروب الوتساب الخاص بالمثقفين، مهاجمني بأن مكان الإبداع ليس في الحمام؛ بل في قاعات الجامعات ومكاتب الشركات وإلخ.! فقد ربطت مقولة أخي «فاضل آل غزوي» في الفيسبوك مع ذكرى تلك المقالة والتي اجتمعت في ملخصهم نقطة «أن الإبداع ومرونة العقل تأتينا دوماً في الوقت الذي لا نحتاجها فيه». بل وأن موضوع الحمام كُنت قد دعمته بمجموعة مقالات شيقة في الجروب، لكن كلها لم تساهم بإقناع المثقف الكريم.

على كل حال وقت الأرق ووقت الحمام نكون فيها متجردين من ضغوط الحياة وتوافهها، ويربط بعض الباحثين أن الأفكار مرتبطا طردياً بحجم الملابس التي نلبسها أو الأدوات التي نحملها، أو حجم ازدحام المكتب الذي نجلس عليه، ويؤسفني القول أنني تعرضت للتوبيخ في العديد من المناسبات والسفرات لأنني شخص «كثير العفش» وشديد الإزدحام في تحركاتي التي غالباً ما تعطل أو تأخر من حولي.

حينما تخف الملابس (في الأرق) أو تختفي (وقت الاستحمام) سيكون العقل أكثر قابلية ومرونة لتناول الأفكار الصعبة، التي ينشغل جزء منها مع الأدوات أو الملابس التي نلبسها، وبالطبع الأفكار الأخرى البسيطة كوجبة العشاء وقرار حلاقة الذقن في اليوم التالي مع لون الحذاء الذي سنلبسه، وربما لا تفضل مثل هذه الأفكار البسيطة استغلال تجردنا في تلك اللحظات المهمة من اليوم!

تجربتي الشخصية أنه بالفعل تأتيني معظم الأفكار التي تستحق التوثيق غالباً وقت النوم أو قبلها بقليل، ولكن يحزنني وقتها أنني لا أملك حينها الطاقة الكافية التي تجعلني أذهب لأشغل الكمبيوتر وأبدأ في الكتابة أو العمل على الفكرة، وربما أعطي لنفسي ذلك العذر الذي تحدثت عنه إليزابيث جيلبيرت سابقاً؛ بأن الأفكار «الخطيرة» ستعود إلينا فيما بعد، ولا حاجة لنا باللحاق بها.

عموماً .. إن كانت الفكرة شديدة التعقيد، أكتفي بتدوينها على ملاحظات الآيفون لأتصرف بها في وقت لاحق.

شاهدي اليوم أنني في كل الأحوال أتبع مدرستين فيما يخص التقاط الأفكار الإبداعية، أولها؛ أن أضع زري على كرسي المكتب كل يوم لأبدأ الكتابة في ظل وجود فكرة أو في عدم وجودها .. «يجب أن يعلم العقل أن عليه أن يعمل ..» كما تقول الكاتبة Pearl S Buck .

والثانية، أنني من غير المعقول أن أحمل بجانب سريري أو في الحمام دفتر ملاحظات، وبالتالي سأفضل أن تختفي الفكرة عوضاً عن تحمل جهد إبقاءها في الأماكن غير المرغوب فيها. وإن كانت بالفعل مهمة وخطيرة، فقد قالت لي سيدتي الكريمة إيليزابيث أنها ستأتي لاحقاًَ!

سيكلوجيا الإنسانمقالات عن الانتاجية

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

الاستيقاظ المبكّر أم الشبع من النوم؟

لا تقل لي أن هناك حلول في المنتصف

الاستيقاظ المبكّر أم الشبع من النوم؟
للأعضاء عام

أنصت لما أفعله، وليس لما أقوله!

من يُنجز، يحق له أن يقول ما يشاء، ويجب أن نتذكّر بأن من حق الكل الوقوف والاعتراض.

أنصت لما أفعله، وليس لما أقوله!
للأعضاء عام

المتع الصغيرة في يوم مزدحم

لا تدور الحياة على المُتع بالطبع، إلا إنها لو اكتفت أن تكون حول ما نتوق إليه من أمور صغيرة، ستُصبح أكثر حماسًا؛ ولو عشرة بالمئة. جلسة القراءة المسائية، قهوة مع صديق، ساعة مشاهدة المسلسل بعد يوم طويل، أو كتابة القليل من الكلمات، كلها أمور تستحق أن يتطلّ

المتع الصغيرة في يوم مزدحم