مقاطع «الريل» التي تُعلمنا كيف نعيش
لاحظت انتشار مقاطع Reel غزيرة على انستجرام تُشجع على حِزمة سلوكيات يتبناها الإنسان في حياته اليومية مع الآخرين، من مضمونها:
«أنهي العلاقات المسمومة مع الآخرين» أو «اعتزل ما يؤذيك».
«ضع حدودًا في علاقتك مع القريبين»
«لا تنتظر أن يقف معك أحد»
«نجاحك ورضاك الشخصي عن نفسك هو الأولوية القصوى»
وفي رأيي أن جزءً كبيرًا من هذا الكلام بديهي، ولكن، القوالب المضحكة ومقاطع الأغاني المتكررة والصاخبة المصاحبة لها تعطيها نوعًا من الدراما، وأخشى ما أخشاه أن يتحمس البعض ويقوم بالتفاعل معها على أرض الواقع ليضع فجأة حدودًا في علاقته مع والدته مثلًا أو يقطع علاقته بزوجته التي يعتقد أن علاقته بها أصبحت مسمومة، دون الحرص على محاولات الصيانة في العلاقة (البديهية أيضًا) معهم.
أتمنى بكل صدق ألا نكون قد أصبحنا مجتمعات حساسة، تُحرّكنا الكلمات والموسيقى الرنانة ومقاطع لا تنفك بالاختفاء، أخشى من الاهتمام المُفرط بالذات، وتناسي أننا مجتمعات اجتماعية بالفطرة نحتاج لأهالينا وأصدقائنا كما يحتاجون لنا، ولا نستطيع بأي حال أن نعيش بمفردنا.
كثرة المقاطع والمنشورات التي تحاول تعليمنا كيف نتعامل مع من حولنا تشعرني بالغرابة، وكأننا في المرحلة الابتدائية في هذه الحياة ونحتاج تذكير يومًا بعد يوم إننا يجب أن نُرضي ذواتنا أكثر من حرصنا على من حولنا. وخوفي الأكبر أن كثرة المقاطع تعني بلغة أخرى كثرة الطلب والمشاهدة عليها.
تعامل مع ما يؤذيك يا أخي ببداهة؛ ابتعد ببطء إن لم تستطع التعامل معه، لكن ابتعد أكثر عن الدراما. ولنتذكر أن ما يؤذينا وما نحتاج أن نضع معه حدود هو شيء أو شخص شديد النُدرة، لأن ما يزعجنا فيه غالبًا سلوك متطرف وليس عاديًا. طبعًا بافتراض أن من يقوم بعمل هذه المقاطع ملائكة من الجنة وليسوا مسمومين أصلًا!
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.