تخطى الى المحتوى

مقالة ضيف عن الصحة: السم الخفي

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

هذه المقالة بقلم ضيفين، إخواني: محمد هشام حافظ ومحمد عمار شطا.


– ١ –

ثلاث مواضيع من المستحيل أن يتفق شخصان عليها، الدين، السياسة والتغذيه.

ولعل العلم الذي يختص بالتغذيه والقناعات التي تطالها يوماً بعد يوم لا يمكن حصرها أو إدعاء أحدهم أنه ملم بها. ولكنني سأتكلم بالتحديد اليوم عن «السم الخفي».

شخصياً، تأثرت صحتي بشكل سلبي بسبب السكر.

كانت لي صولات وجولات في حياتي مع السكر، ولعل الحظ لعب دوراً كبير في حياتي عندما إلتقيت ببعض الأصدقاء الذين وعّوني على أمره وأضراره التي لربما لن أستشعرها في حياتي إن استمريت في التعامل معه بشكل طبيعي مثل الأغلبية الغالبة من الناس.

كانت البداية منذ بدأت مسيرتي في سباقات «الترايثلون»، حيث تتطلب المشاركة فيها مستواً استثنائي من اللياقة البدنية، وبالطبع حرصاً أكبر بكثير فيما يتعلق بالتغذية عن الشخص غير المهتم بالمشاركة في مثل هذه السباقات.

ومنذ ذلك الوقت، شغِل جزءاً كبير من تفكيري نوعية الغذاء الذي يتوجب علي أن أتناوله مع الكمية المناسبة والأوقات، كانت المشكلة في البداية وزني الزائد وشهيتي، والتي لم أستطع أن أتحكم بهما. جربت أنواع مختلفة من الحميات الغذائية، ومع كل تجربة كنت أتعلم شيء جديد.

مثلاً كانت تجربة الصيام عن الأكل لمدة ١٦ ساعة يومياً أفادتني في نزول وزني.

الإمتناع عن أكل المخبوزات والنشويات (الكربوهيدرات) بشكل عام أيضاً ساعد في نزول الوزن. ولكن كنت أواجه مشكلة أخرى أكبر من النشويات ، لم أكن أستطيع التحكم في شهيتي وكانت بإستمرار شهيتي مفتوحة.

لحسن الحظ تعرفت على أخي العزيز محمد عمار شطا (والذي اعتبره أحد أكثر الباحثين في موضوع التغذية في محيطنا) وبدأنا في التحدث عن الرياضة والعلاقة المباشرة للأكل الصحي باللياقة، وبدأت رحلة العلم والتجربة من هنا. أقترح محمد علي التوقف عن الاعتماد على «الكاربوهيدرات» والتركيز أكثر على الدهون و البروتين (وبالأخص على الدهون) في جميع وجباتي، عكس برنامجي الغذائي تماماً. وهذا ما حصل … اعتمد برنامجي الغذائي طيلة الفترة اللاحقة بالتركيز على البروتين والدهون بشكل أكبر، لأتفاجئ بعدة نتائج إيجابية غير متوقعة؛ إشتركت في سباق ترايثلون وكانت النتيجه أفضل من نتائجي السابقة، وربما أعوز الفضل  – بعد الله – لبرنامج التغذية (الأصح).

– ٢ –

في مطلع العام بدأت قراءة كتاب Why we get Fat by Gary Tuebas وأيضاً كتابه الآخر The Case Against Sugar (والذي أنصح بقراءتهما).

«قاري» كاتب مؤرخ يتحدث عن الصحة، وتتمثل أحد أهم قضاياه إثبات أن السمنة ترتبط ارتباطاً مباشراً بتناولنا للكاربويهدرات/السكريات فقط … وليس شيئاً آخر، وأهم ما يلخص هذه القناعة هي التلخيص الذي يقول: «أن الكاربوهيدرات هي السبب الرئيسي لتحفيز إفراز الأنسولين مما يؤدي الي تخزين الدهون، خاصة للشخص العادي الغير ممارس لأي رياضة تتطلب مجهود عضلي».

قررت بعد قراءة كتاب جاري التوقف تماماً عن أكل الأغذية المجهزة Processed Food وبالتحديد الأغذية الموجود فيها سكر الفركتوز، و هو السكر المستخرج من الفواكه والذرة.

صدمت من النتيجة! تمكنت أخيراً من السيطرة على شهيتي. 

لم يكن لدي الرغبه في تناول أي شيء فيه سكر، ووزني أصبح صامد لفترة أطول. المفاجأة كانت بعد عمل إختبار نسبة الدهون في الجسم، كان الرقم تقريباً ١٧.٥ ٪ مقارنة بالعام الماضي ١٩،٥ ٪ وكانت نتائج الإختبار الأخير بعد فقط شهر من التوقف عن الفركتوز.

الكثير من أحبائي يعانون من الوزن الزائد أو من مشاكل صحيه لها علاقه بالوزن والكثير أيضاً يعاني من إرتفاع السكر في الدم. في رأي السبب الرئيسي هو عدم معرفة مدى تأثير بعض المأكولات على صحتنا و أيضاً أكل السكر بكميات كبيره من غير معرفتنا بوجودها في الأكل.

والأمر الأكثر حساسية هو: أن الخلايا السرطانية تتغذى على السكر!

أنصح كل شخص يعاني من الوزن الزائد أو من شعوره بارتفاع شهيته للأكل (وبالأخص تجاه السكريات) أن يقرأ عن مدى تأثير السكر على صحتنا، والبحث عن المأكولات الموجود فيها سكر بكميات كبيرة وتجنبها، مع الحرص على قراءة ملصقات التبيين الموسومة على المواد الغذائية، والأهم استشارة ذوي الخبرة باستمرار.

– ٣ –

تعليق محمد عمار شطا:

كانت بدايتي في الاهتمام بمجال الصحة عندما كنت ابلغ ٢١ سنة من العمر، في عام ٢٠٠٥م كنت ممارس لرياضة رفع الاثقال بانتظام.

لاحظت بعد فترة ان جسمي غير قادر على التخلص من  الشحوم المتراكمة في منطقة البطن. فذهبت الى مدرب الرياضة. فنصحني بالتوقف عن الخبز والرز، و أن ابدأ بتناول التونة و البرتقال (و عصير برتقال) و البيض على الفطور، بالإضافة الى الجري على جهاز السير ٤٥ دقيقة ٤ ايام في الاسبوع، لمدة شهرين، و أني بذلك سوف اصل الى النتيجة المرغوبة.

ودون مفاجئات انتهت الشهرين مع التزامي بما قاله المدرب، ولم الاحظ أي فرق.

ذهبت الى الكابتن معتز، اخبرته بالنتيجة، فقال لي بشكل مختصر: «دي وراثة!».

صُدمت، صدقت. لكن لم افقد الأمل، و استمريت على شرب عصائر الفواكه الطبيعية بدل المشروبات الغازية، على امل انها مفيدة لصحتي كما كنت أعتقد. لم الاحظ حينها اني كنت امرض باستمرار (كانت تأتيني إنفلونزا أو زكام كل شهر أو شهرين)/

٢٠١٠م كنت من المبتعثين للدراسة في أمريكا. و ما زلت مواظباً على تمارين رفع الاثقال. ولكن بدأت ايضا في لعب كرة القدم مرتين في الاسبوع. و ما زلت معتقداً أن العصيرات الطازجة مصدر صحي وطبيعي للجسم، وأصبحت أتناول الفواكه المجففة كوجبة خفيفة بين التمارين و أثناء المحاضرات. لأيماني أن الأكل إن كان طبيعياً فهو انه صحّي بالضرورة.

وخلال هذه السنتين، وزني نزل، نعم، و لكن يعود ذلك للحركة المستمرة والمجهود العضلي أثناء تمارين رفع الاثقال وتمارين كرة القدم.

كنت كل صباح افطر شوفان بحليب اللوز والبروتين، وأشرب عصير الخضار لتعزيز مناعتي. لكن، كانت تزورني الانفلونزا كل شهرين، ومع المراقبة كنت أتسائل! ما الخطأ الذي افعله؟! 

 ٢٠١٣م بعد مجهود وبحث عميق في مجال الصحة، بدأت افهم؛ أنه السكر!

العدو الخفي الذي كان يتسرب إلى كل وجبة كنت أتناولها. اتضحت الصورة عندما قرأت عن دراسة تمت عام ١٩٧٣م ، تضمنت التجربة تناول ١٠٠ جرام من السكر، و استنتاج أن خلايا الدم البيضاء (المسؤولة عن مناعة الجسم) تقل فعّاليتها في قتل الجراثيم بنسبة ٤٠٪ ، لمدة ٥ ساعات حتى تعود فعّاليتها الى المستوى الطبيعي. نعم! صدمة! (وزيد الشعر بيت)، إذا كان هناك نقص في نوع و كمية الفيتامينات والمعادن في نظامنا الغذائي مع تناول السكر، يبدأ الجسم بأخذ العناصر الغذائية من العظام والجلد لتفكيك السكر. و ذلك يؤدي الى الشيخوخة، سوء تغذية و عدّة أمراض أخرى، مع السكر تأتي مصائب اكبر.

السكر يؤثر على خلايا الدم البيضاء من خلال التنافس على المساحة في تلك الخلايا مع فيتامين سي. خلايا الدم البيضاء تحتاج إلى فيتامين سي لمحاربة البكتيريا والفيروسات. السكر والفيتامين سي متشابهان في التركيب الكيميائي. عند تناول السكر، فإنه يتنافس مباشرة للحصول على المساحة في الخلايا المناعية الخاصة بك مع فيتامين سي، وعند تواجد السكر باستمرار، فيتامين سي ليس لديه فرصة لدخول تلك الخلايا!

في كل مرة نتناول فيها السكر، يحدث في جدران الشرايين تمزقات صغيرة و بسيطة يمكن الجسم من معالجتها ولكن، يحتاج لمعالجتها الى فيتامين سي، وعند عدم توفر فيتامين سي بكميات كافية، يقوم الجسم بمعالجة جدران الشرايين بالكوليسترول كحل مؤقت، الى أن يتم دخول فيتامين سي إلى الخلايا في جدران الشرايين لمعالجة التمزقات. لكن بالاستمرار في تناول السكر، يصبح الحل المؤقت هو الحل الوحيد، فيبدأ تراكم الكوليسترول الى ان ينتج تصلّب الشرايين أو انسداد في الشرايين (يعني إن تناولت برتقالة أو شربت عصير برتقال، لن يكون هناك فرق)

بوجود السكر، لا مجال للفيتامين سي من الدخول الى الخلايا لمعالجة المشكلة!

 نجد بشكل ملحوظ أن اغلب من حولنا يعاني من الوزن الزائد.  

و السبب في ذلك؟ نعم، السكر، فقط ودون اختصارات أو مقدمات.

عندما نتناول السكر، يرتفع مستوى السكر في الدم بشكل كبير، فيقوم الجسم بافراز كمية كبيرة من الانسولين لتخليص الدم من السكر وحينها تقوم الخلايا بامتصاص السكر أو تخزينه على شكل دهون. فينخفض مستوى السكر في الدم تحت المعدل الطبيعي، و الجسم يجب ان يتفادى إنخفاض مستوى السكر في الدم تحت مستوى معيّن، فيقوم الدماغ بارسال اشارة الى الجسم لافراز هرمون الجوع، حتى تفهم أنت أنه حان وقت الأكل. و يستمر الجسم على هذه الحالة فتكون النتيجة هي الافراط في الطعام، و تخزين الفائض على شكل دهون متراكمة في الجسم. كما أن الأنسولين يعطي إشارة للجسم بالتوقف عن حرق مخزون الدهون في الجسم و البدأ بتخزين الطاقة (الأكل الذي دخل جسمك) على شكل دهون.

شؤون اجتماعية

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

اقتراحات أغسطس ٢٠٢٤م: ألذ مطعم لحم أوصال في العالم

مطاعم: * قبل ثلاثة أسابيع، شرّفنا أخيرًا أحد أبناء إخوتي الذي يزورنا بشكلٍ موسمي كل ثلاثة أشهر، في اجتماع العائلة الأسبوعي. وحكى لي القصة التالية: اقترح عليه صديقه أن يزوروا مطعماً يقدّم ألذ لحم أوصال في العالم، وموقعه في مدينة جدة، خلف سوق الشعلة، اسمه «مشويات بيت الشهباء»

اقتراحات أغسطس ٢٠٢٤م: ألذ مطعم لحم أوصال في العالم
للأعضاء عام

بعض الأفكار لتحدّي النفس

أسهل طريق للتخلّص من شخص مزعج، أو شكّاء، أو سلبي في حياتنا هي مقاطعته. لكنه ليس الطريق الأصح.

بعض الأفكار لتحدّي النفس
للأعضاء عام

اقتراحات يوليو ٢٠٢٤م: بودكاست وكُتب وأماكن

كان من المثير للدهشة بالنسبة إلي، أن اقتراحات يونيو ٢٠٢٤م قد لاقت تفاعلًا من القريبين أكثر من القرّاء، وهذا أمرٌ لطيف في الحقيقة، لكيلا يشعر المُقترِح أنه «يكلم جدار» مع اقتراحاته. عمومًا، لا يمكن أن أُعطي اقتراحات خارجية، قبل أن أحصل على شيء من

اقتراحات يوليو ٢٠٢٤م: بودكاست وكُتب وأماكن