يقودنا ليحقق أهدافنا !
كان أول شخص يطلب منا تسليمه جميع المهام المزعجة ، لينشغل بها ويشغلنا نحن الموظفين بالمهام الأصعب والأهم خلال يوم العمل ، وكان دوماً يقول:
« انشغلوا بتحقيق أهداف البيع والخدمة بأفضل شكل ، واتركوا لي جميع الأعمال الجانبية المزعجة »
لم أفهم في بداية الأمر سبب اصراره على هذا الأسلوب الغريب في العمل ، فقد كانت استراتيجية البنك واضحة بمطالبة الجميع تحقيق أهداف المبيعات ، وتقديم الخدمة بالشكل المطلوب للعملاء ، إضافة لترتيب وتنظيم وارسال المعاملات بعد خدمة العملاء من أصغر الموظفين حتى أكبر مدرائهم.
فلِما ينشغل نائب مدير الفرع بالإنهماك في الأعمال الورقية المزعجة؟ ، والتي كانت تمثل ساعات الملل لدى موظفين الفروع خلال يوم العمل ، وحيث كانت تشمل عدة مهام لا تُسجل في تقييم الموظف كإعادة ترتيب أوراق العملاء ، وارسال كل المعاملات التي تمت خلال اليوم لإدارة الأرشيف ، ناهيك عن بعض المكالمات المطولة مع بعض الأقسام الأخرى في إدارة البنك حول مشاكل معينة.
وعندما أسأله كانت إجابته الغريبة: « أحمل عنكم جميع الأعباء الجانبية ، ليسهل عليكم تحقيق أهدافي وأهداف الفرع … لتتحقق أهدافكم ببساطة »
كان هذا تبريره المستمر لهذه الآلية التي لم أعهدها من قبل في أياً من الفروع الأخرى ، وفعلاً أصبحتُ أنا وجميع زملائي مشغلين تماماً بخدمة العملاء ، وأصبحت مهمة تحقيق أهداف الفرع همنا الشاغل طوال اليوم.
تحسن أداء الموظفين بشكل غير متوقع في خدمة العملاء بعد اتباع هذه الاستراتيجية ، وازداد زوار الفرع بشكل كبير خلال تلك الفترة ، وليعترف لي أحد الزوار: « يأخي خدمتكم هنا تفتح النفس للواحد إنه يجيكم بدل الفروع الثانية». نعم … كل ما كنت أفعله هو خدمة العميل ومحاولة تحقيق أهدافي في المبيعات فقط ، لأخرج في تمام الساعة الرابعة والنصف عصراً دون قضاء ساعة أو ساعتين أخرى منشغلاً في الأمور الورقية كباقي الفروع. ازداد حماس العمل ولينقلب ذلك الحماس لحالة كآبة في اليوم الذي يغيب فيه ذلك الشخص أو في الأيام التي يطلب فيها إجازته السنوية.
وبعد انتهاء تلك السنة باتباع هذا النموذج الإداري (سنتي الوحيدة في البنك قبل تأسيس عملي الخاص) لم تكن المفاجئة كبيرة بتحقيق الفرع لأهدافه البيعية والخدماتية بنتيجة ساحقة مقارنةً بجميع الفروع الأخرى ، ولتكون تلك السنة فعلاً سنة الخير على جميع موظفين ذلك الفرع فقد استحق الجميع المكافئة السنوية بشكل سخي « بونس نهاية العام »، وكانت مكافئة ذلك الشخص هي الأعلى على مستوى المنطقة بعد تحقيقة ٢٢٠٪ من الأهداف المطلوبة (رأيت بطاقة أدائه بعيني) ، لتكون مكافئته ٢٠ راتب تقريباً!
آمنت وقتها أن القائد الحقيقي هو الذي ينشغل بتحقيق أهداف مرؤوسيه لتتحقق أهدافه الشخصية ، وتعلمت معنى الفرق بين مفهوم الإدارة والقيادة بأفضل نموذج.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.