هل ٦٦ يومًا تكفي لتغير هويتك؟
كيف يتحول القناع الذي ترتديه إلى هويّتك الحقيقية؟
قرأت نصًا عظيمًا من تغريدة لحساب اسمه Prompter على منصة «إكس»، ونقلته هنا إلى العربية. أدّعي إنني من أكبر الفاهمين والمناصرين لفكرة السلوك المضمون فيه والصورة العامة، وأعتقد جديًا إن الفكرتين (١) «الفعل يسبق التفكير» و(٢) «تبني الهوية قبل الفِعل» أمرٌ في غاية التأثير علينا إن استوعبناه.
شخصيًا أشعر -قليلًا- بالاستفزاز مثلًا إن أُطلِق لقب «كاتب» على شخص نشر كتابًا واحدًا فقط أو نشر بضعة مقالات، وأفضّل إن أُطلق عليهم «أشخاصًا كتبوا». فالمخرجات مختلفة، والهوية - بالتأكيد - مختلفة.
هناك فرق بين «من كتب» وبين «الكاتب». الأول فِعل، والثاني هوية.
to change your identity and beliefs you have a 66 day war against yourself.
— Prompter (@PromptLLM) November 6, 2025
then it is ingrained and automatic pic.twitter.com/RFDKdqcKBG
هنا النص:
تتغير الهوية على مدى فترة زمنية بدأت علوم الأعصاب في فهمها مؤخرًا، ويمثل عتبة الستة وستين يوماً شيئاً أعمق بكثير من مجرد اكتساب سلوك جديد.
هويتك ليست مجرد ما تعتقده عن نفسك، بل هي العدسة التلقائية التي تفسر من خلالها كل تجربة وكل قرار وكل احتمال في حياتك. عندما يقول شخص ما «أنا لست من محبي الصباح» أو «أنا لست مبدعًا»، فإنه لا يصف الواقع الموضوعي. إنه يصف نظامًا من المعتقدات التي ترسخت في المسارات العصبية، وتعمل تلقائيًا دون وعي، وتشكل السلوك بطرق تؤكد هذا الاعتقاد مرارًا وتكرارًا. ما تكشفه الأبحاث هو أن تغيير الهوية لا يتعلق بحدوث إيحاء مفاجئ أو اتخاذ قرار «بأن تكون مختلفًا». إنه يتعلق بالتصرف باستمرار بطريقة تتعارض مع هويتك القديمة حتى يصبح النمط الجديد هو الإعداد الافتراضي لجهازك العصبي.
في كل مرة تتصرف فيها وفقًا لهوية جديدة - حتى عندما تشعر أنها مزيفة، حتى عندما لا تصدقها بعد - فإنك تنحت مسارًا عصبيًا جديدًا وتخلق دليلًا يتعارض مع القصة القديمة.
في اليوم العاشر، لا يزال الأمر يتطلب جهدًا. في اليوم الثلاثين، تبدو اللحظات أكثر طبيعية قليلاً. في مكان ما في نطاق 50-70 يومًا، إذا كنت متسقًا تمامًا، يحدث تغيير ما. يتوقف السلوك الجديد عن الشعور بأنه زي تنكري ويبدأ في الشعور بأنه ما تفعله فقط.
الفكرة الأساسية هي أن المعتقد يتبع السلوك، وليس العكس. لا تصبح عداءً بمجرد الاعتقاد بأنك عداء ثم تذهب للركض — بل تصبح عداءً بالركض بانتظام لمدة شهرين حتى يعيد دماغك تصنيفك. يحدث التغيير في الهوية عندما تصبح الأدلة المتراكمة على سلوكك ساحقة لدرجة أن الحفاظ على القصة القديمة يتطلب جهدًا معرفيًا أكبر من قبول القصة الجديدة.
دماغك كسول بطبيعته — فهو يريد تقليل أخطاء التنبؤ والحفاظ على الطاقة. عندما تركض في الساعة 6 صباحًا لمدة 60 يومًا متتالية، يجد دماغك أنه من الأسهل تحديث نموذجه عن هويتك بدلاً من الاستمرار في التعامل مع كل جولة جري على أنها حالة شاذة. خلال تلك الأيام الـ 66، أنت لا تبني عادة فحسب — بل تقوم بتفكيك بنية هوية قديمة تشكلت من خلال آلاف التكرارات على مدى سنوات أو عقود. أنت ترجح أدلة جديدة على أدلة سنوات، وهذا يستغرق وقتًا. الـ 66 يومًا هي تقريبًا المدة اللازمة لكي يصبح النمط الجديد راسخًا عصبيًا مثل النمط القديم من قبل.
ما يحدث من الناحية العصبية هو أن العقد القاعدية - وهي الجزء الذي يتولى السلوكيات التلقائية - تتولى زمام الأمور من قشرة الفص الجبهي، التي تتولى اتخاذ القرارات الواعية. في الأيام الأولى، تتطلب كل حالة من حالات السلوك الجديد جهدًا واعيًا وإرادة قوية. ولكن تدريجيًا، مع التكرار في نفس السياق، يتم ترميز السلوك في العقد القاعدية ويصبح تلقائيًا ولا واعيًا وسهلًا. وبمجرد أن يصبح الأمر كذلك، فإنه لم يعد شيئًا تفعله - بل أصبح شيئًا أنت عليه، لأن الهوية هي في الحقيقة مجرد مجموعة من السلوكيات وأنماط التفكير التي أصبحت تلقائية لدرجة أنك لم تعد تلاحظ أنك تختارها. تمثل الـ 66 يومًا العتبة التي يكتمل عندها هذا الانتقال، حيث تم تكرار النمط الجديد مرات كافية بحيث أصبح من الأسهل على دماغك تشغيله تلقائيًا بدلاً من الاستمرار في التفكير فيه.
هذه هي المفارقة في صميم التحول: عليك أن تتظاهر به لفترة طويلة حتى يصبح حقيقيًا. عليك أن تتصرف مثل الشخص الذي تريد أن تصبحه، باستمرار ودون تردد، حتى عندما تشعر أنه غير حقيقي، حتى تدرك يومًا ما أنه لم يعد تمثيلًا.
أصبح القناع وجهك، ليس من خلال قوة الإرادة أو الإيمان، ولكن من خلال عملية بسيطة وآلية تتمثل في التكرار بمرور الوقت.
- نهاية النص -
لا أعلم مدى دعم العِلم لذلك، إلا إنني وجدت أن المضمون يستحق الانتباه!
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.