قصة الحادث الذي لم يغيّر حياتي - الجزء الأول
تريدون قصة؟ سأحكي لكم واحدة.
كُنت أدرس في المرحلة الثانوية عام ٢٠٠٤م. اتصلت على أحد الأصدقاء (الذين تخرّجوا)، واتفقت معه أن يمر عليَ صباح اليوم التالي ليقلّني من البيت بسيارته في تمام الساعة السابعة صباحًا، في الفترة التي كان فيها معظم من في سني لا يملكون سيارات في متناول يدهم.
الهدف من هذا الاتصال هو الهروب التقليدي من المدرسة طبعًا.
قمنا بعمل جولة سياحية في أنحاء جدة، بدأت بإفطار في فلافل المصباح في حي الروضة، ثم تبعها خمس صكّات بلوت في المقهى برفقة الشيشة، ثم مرور على مدارس الفردوس لنُسلِّم على أصدقائنا هناك، لفة سريعة على شارع التحلية، ثم العودة إلى المنزل. كانت هذه الخطة باختصار.
في الفقرة ما قبل الأخيرة في شارع التحلية، قرر صديقي قائد المركبة أن يقوم بعمل حِزمة تفحيطات صغيرة وسط الشارع ليُبيّن قدرته الاستثنائية في القيادة، وأيضًا لإثبات شيء من الرجولة أمام العوام في تلك الظهرية الحارة، وأمام أصدقائه الثلاثة المرافقين له في السيارة. وفي جزء من الثانية فقد السيطرة على السيارة (كانت من نوع نيسان إكس تريل)، حاصت معه، واصطدمت في الرصيف المقابل لمحلات مذركير. انقلبت السيارة قلبتين أو ثلاثة، ونحن داخلها قبل أن أرى مشهد السيارات من خلفنا، ونحن نقابلها وجهًا لوجه، وكانت تلك اللحظات هي الأولى التي ألتقي فيها مع الموت وجهًا لوجه، لولا لُطف الرحيم.
اجتمع الناس من حولنا في حالة من الفوضى، ومحاولات الإنقاذ؛ أخرجني رجل كريم من وسط السيارة المهشّمة بالكامل، حملني ووضعني داخل سيارته «جيب إنفينيتي» التي كانت تُعتبر ذات إصدار نادر في تلك الأيام. أذكر إنني اعتذرت له مباشرة لأنني لطّخت مقاعد السيارة، وأرضيتها بالدم، ليخبرني أن كل شيء سيكون على ما يرام، وعليه أن يقلّني الآن إلى أقرب مستشفى. وقبل تحرّكه قفز رجل كريم آخر معترضًا طريقنا ليخبر السائق أن الإسعاف في طريقه إلينا، ومن الأفضل أن ننتظره. وبالفعل ما هي إلا دقائق قليلة حتى وصلت سيارة الإسعاف.
هذا المحتوى للأعضاء اشترك
هل لديك حساب؟ تسجيل الدخول