تشارلي مُنجر والتوقّعات
«القاعدة الأولى لحياة سعيدة هي خفض التوقّعات. هذا شيء يمكنك تبنّيه بسهولة. إذا كانت لديك توقعات غير واقعية دومًا، فسوف تكون بائسًا طوال حياتك».
– تشارلي مُنجر.
لا يشعر الإنسان بالأسى إلا بسبب التوقعات. أو كما يسمِّيها مارك مانسون «الآمال المعلّقة» (Hopes). فالحزن مرتبط بما أردنا تحقيقه أو توقّعنا حصوله، ولم يتم. وكل السعادة تُبنى عندما تحصل النفوس على ما لم تتوقعه، وأتاها دون أن تطلب.
عندما يعد المُدير موظّفه بترقية ما، ولا يتم هذا الأمر، لا يسع الموظف إلا الشعور بالأسى من عدم تحقق ما أراد، أكثر بكثير من محاولة الجلوس بهدوء؛ والإنصات للدروس التي تستوجب التوقف والسؤال: لماذا بالفعل لم أحصل على ما أُريد؟
يشجعنا (قبل الجلوس والسؤال) الراحل تشارل مُنجر على تهذيب النفس لتكون دائمًا منخفضة التوقعات والتطلُّب، تجاه أي شيء وكل شيء. خفض التوقّعات لا يجعلنا نهاية المطاف أكثر واقعية وسكينة بيننا وبين أنفسنا، بل يُخفف الثقل على الآخرين.
تعلّم مُنجر من العالِم الراحل ستيفن هوكينج، عندما أُصيب بشلله الكامل في عامه الواحد والعشرين، عندما برمج عقله تجاه كل أمور الحياة وتحويلها من «توقعّات» إلى «علاوات» أو «هدايا»، أو مثلما كان روزفلت ينظر بشيء من الانسجام تجاه ما يحصل معه في حياته (حتى بعدما أصبح رئيسًا للولايات المتحدة، وهو على الكرسي المتحرِّك): «إذا لم تتمكن من استخدام ساقيك، وأحضروا لك الحليب عندما أردت عصير البرتقال، فإنك تتعلم أن تقول “لا بأس” وتشربه». يخبرنا مُنجر ما حصل معه منذ سنٍ صغير بأن: «كل شيء في حياتي أصبح هدية، لأنني لم أتوقّع الحصول على كل شيء». ويخبرنا عن نموذج استحقاقه: «لكي تحصل على ما تريد، عليك أن تستحق ما تريد. هذا العالم ليس مكانًا مجنونًا بما يكفي لمكافأة كل الناس».
تحكي لي والدتي دومًا أن كل شيء تمنّته في حياتها كانت قد حصلت عليه. وعندما سألتها مرة عن تفاصيل أمنياتها، اكتشفت أنه في الحقيقة لم يكن هناك أمنيات. واكتشفت أيضًا أن ما حصلت عليه – حسب شرحها – لم يكن أمنيات بقدر ما هو مكافآت على الصبر، دون طلب.
لا يجب أن يُمنّي الإنسان نفسه بقدر البذل. بل بقدر الثقة في الكرم والحِلم. كرم المولى، وتحلمٌ لا يتوقف.
لا يتحقق الحِلم دون عمل مستمر، وبذلٌ أكبر بكثير من الجلوس وانتظار ما نعتقد إننا نستحقّه.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.