تخطى الى المحتوى

الحفاضة والمسؤولية

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
1 دقيقة قراءة

في رأيي الشخصي، إن حِس المسؤولية كمفهوم؛ يتجلى في أهمية تغيير حفاضة الطِفل في كل مرة يقرر ملأها. فإن لم يغيرها والداه (أو أي أحد منهم، تحت أي ظرف) فستظل ملتصقة في مؤخرة الطِفل المسكين ببساطة. مثلها مثل إطعامه إن جاع، وترفيهه إن ملل، وبالطبع تعليمه وتربيته، وتبني إحساس القلق حوله وحول مستقبله، إلى أن يأخذ الله عمر والديه.

الرجولة -وإن كانت- عِماد الخُلق الفاضل كما قال المرحوم حمزة شحاته، فهي تزداد وتنقص حسب تقبّل الرجل لمسؤوليته وصبره عليها. فإن زاد الصبر على كل مسؤولية صغيرة أو كبيرة، كلما (يفترض) أن يزداد حِس الرجولة داخله توازيًا.

وفيما يتعلق بالآباء، لعل الفطرة السليمة تحيطهم بالقلق والخوف والحب ومجموعة معقدة من المشاعر التي لا يفهمون تفسيرها تجاه أبنائهم، وهي ما تجعلهم قبل كل شيء مسؤولين عنهم، ويجوز القول هنا أن حِس المسؤولية ليس بالدرجة الأولى اختياري قدر ما هو فطري. وعندما نرى أحد الرجال يتخلى عن التربية، فهو يصارع فطرته أو ربما قد يعاني من شيء مرضي أو نفسي يمنعه عنها، مثل الذي اختار الموت دون أن يرتبط بإنسانة تحت أي غطاء في حياته!

 لا يريد أي أحدٍ مثلًا أن يشعر بالأسى على الفقير الذي تم إعطاءه صدقة صباح اليوم! لأن الصدقة لم تكن بدافع المسؤولية قدر الحرص على إحساس الرِضا وجزء بسيط في الداخل لسان حاله يقول «يا أخي فكنا بس!» أو «فكنّا من هذا الأكل/القطعة/الملابس الزائدة».

إن كانت الرجولة (في مفهوم الرجال) تُقاس بالمسؤولية، فالمسؤولية تُقاس بالصبر على كل صغيرة وكبيرة من أمور الحياة، كتغيير حفاضة الطفل وتحمل رائحتها.. كل يوم!

سيكلوجيا الإنسان

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

لا يسأل المدربين لاعبيهم: ما الذي تشعرون به؟

هل يكون التعبير المفرط عن المشاعر واليقين بسوء النفسية (خصوصًا لدى اليافعين) مفيد، بنفس القدر الذي يجب فيه أن يحاولوا أن يتجاهلوه بالانسجام مع مسؤوليات حياتهم اليومية؟ لا نجد في عالم الرياضات التنافسية أن المدربين حريصين على استكشاف مشاعر متدربيهم بنفس القدر على حِرصهم لإنجاز جلسة التدريب التالية،

لا يسأل المدربين لاعبيهم: ما الذي تشعرون به؟
للأعضاء عام

لا يسأل الأطفال عن معنى هذه الحياة

«ما الذي يجعل الحياة جديرة بأن تعاش؟ لا يوجد طفل يسأل نفسه هذا السؤال. بالنسبة إلى الأطفال، الحياة واضحة بذاتها. الحياة غنيّة عن الوصف: سواء كانت جيدة أو سيئة، لا فرق. وذلك لأن الأطفال لا يرون العالم، ولا يلاحظونه، ولا يتأملون فيه، ولكنهم منغمسون بعمق في العالم لدرجة أنهم

لا يسأل الأطفال عن معنى هذه الحياة
للأعضاء عام

مكان الغرباء والأحلام خلف الجميع

في عام الكورونا، زرت هذا المكان أكثر من أربع عشرة مرة. لا أحد أعرفه زاره بنفس القدر.

مكان الغرباء والأحلام خلف الجميع