تخطى الى المحتوى

هناك فرق فعلًا بين الإجازة والسياحة

يشعر الرجال بهذا الفرق أكثر!

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
2 دقائق قراءة
هناك فرق فعلًا بين الإجازة والسياحة
Photo by Ravigopal Kesari / Unsplash


عاد صديقي عمر من رحلة عمل مُنذ مُدّة، قضاها في جاكرتا لمدة أسبوعين؛ كان من المفترض لها أن تكون أسبوع، ثم امتدت إلى عشرة أيام، ثم إلى أسبوعين بسبب أن المهمة التي ذهب إليها لم تُنجز خلال الوقت المخطط لها، ويخبرني أنه اضطر إلى زيارة المركز التجاري لتبضّع بعض الملابس لأنه لم يعمل حِساب هذه المُدّة. وعندما سألته كيف كانت؟ أخبرني أنه كانت رحلة ساحرة، فاتنة، بكل ما فيها. وعندما أتبعته بسؤال: ماذا فعلت هناك؟

لا شيء. جلستُ في الفندق ثمانين في المئة من الوقت.

كانت السفرة ساحرة في هدوئها وتأثيرها على نفسيته، أكثر من صربعة الخروج والاستكشاف.

شخصيًا أعرف شعوره تمامًا. لا شيء. هو في الحقيقة - بعيدًا عن التزام العمل - ما جعل من رحلته رحلة فاتنة وساحرة. كررت عليه السؤال، هل فعلًا لم تفعل أي شيء!؟ ليرد بأن ما قام به أمور اعتيادية، فقد ختم كتاب حماسي كان يقرأه، راجع نفسه، وخطط مستقبله، وراجع حتى - حسب وصفه - علاقته بربه.

لم يكترث كثيرًا للمغريات، وقد اتفقنا بتردد، أن عامل السِن عند الرجال (حول الأربعين) له دور جوهري في هذا الأمر، فلا يسعى مُعظم الرجال على هذه الأوقات الفارغة بدافع الحصول على أكبر قدر من اللذة والتسلية، قدر رغبتهم على الحصول على وقت للرواق والهدوء، متناسيين مؤقتًا مسؤولياتهم الاجتماعية؛ في محاولة لشحن الطاقة والإقبال أكثر على المسؤوليات بنفسيات منتعشة. أتحدث طبعًا عن الرجال الأسوياء والمسؤولين.

لازلت مفتونًا بمقطع السيدة الكويتية الذي شاهدته في الصيف عندما حاولت التفرقة بين الإجازة والسياحة، الأولى تستهدف تغذية حِس الاستقرار النفسي، أما الآخر فقد يُغذي الفضول. ينقص هذا الفضول مع التقدّم العُمر، ويصبح الإنسان أقرب لما يألفه من تجارب عمّا يُشعره بالفضول.

والد شريكي من دولة الهند رجل أعمال قدير، كان كلما يُسافر إلى أي مدينة (كما يحكي أحد سائقيه الذين يستقبلوه) لا يخرج أبدًا من الفندق، سوى لوجبة في مطعم جنوب هندي، أو لاجتماع. لا تغريه أي محاولات استكشاف أو فُسَح. وقد أخبرني شريكي مؤخرًا أنه أصبح اليوم لا يود السفر إلى أي مكان في العالم، لأنه حسب وصفه: شبع من التمشيات! وإن قرر السفر نادرًا، فهو يعرف تحديدًا ما يُريد: هدوء، ورواقة، أو سفرة علاجية.

هذا الهدوء قد لا يستوعبه من هم أصغر قليلًا، أو من لا يملكون مسؤوليات اجتماعية على عاتقهم. إلا إن تأثيره واضح لغيرهم.

يظل رغم كل ما ذكرته السفر شكل من أشكال الرفاهية غير الضرورية بصراحة، إلا أنني أجد أن فصلة الهدوء والرواق ضرورية كل عام على الأقل مرة، بكل طُرقها المختلفة، حتى وإن كانت دون سفر.

أما السياحة، فأولويتها ترتبط مع الأسرة - عند الاستطاعة - كما أراها.

سيكلوجيا الإنسانشؤون اجتماعية

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.


المنشورات ذات الصلة

للأعضاء عام

كيف لا نُبالي بآراء الآخرين تجاهنا؟

عندما نُدرك فداحة أخطائهم!

للأعضاء عام

أمازون السعودية: هل نخسر شغف التسوّق نهائيًا بسببه؟

خصوصًا بعد تحالف العثيم.

أمازون السعودية: هل نخسر شغف التسوّق نهائيًا بسببه؟
للأعضاء عام

اقتباسات الجمعة

لا يريدون موظفوا جوجل العيش في العالم الذي خلقوه!