تخطى الى المحتوى

أنصت لما أفعله، وليس لما أقوله!

من يُنجز، يحق له أن يقول ما يشاء، ويجب أن نتذكّر بأن من حق الكل الوقوف والاعتراض.

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
أنصت لما أفعله، وليس لما أقوله!
Photo by David Foodphototasty / Unsplash

في عام ٢٠١١م، كتب وارن بافيت مقالة في صحيفة «نيويورك تايمز» عنوانها: «أوقفوا تدليل فاحشي الثراء»، كان يدعو في المقالة إلى زيادة معدّل ضرائب الدخل عليهم. ثروة وارن بافيت في ذلك الوقت تجاوزت السبعة وخمسين مليار دولار، وهو أغنى ثالث رجل في الكرة الأرضية، ولا يزال معجزة أوماها على نفس الرأي اليوم!

عندما فاز في السباق. قرر التخريب على البقية!

الشيء نفسه مع الممثل، والحاكم، وبطل رياضة كمال الأجسام السابق آرنولد شوارتزنيجر، الذي أصبح اليوم «نباتيًا» (Vegan) صارمًا فجأة! مسوقًا لنمط حياة غذائي بعيدًا كل البعد عمّا ساعده لبناء كتلة عضلية مبهرة، وجسدًا أسطوري خدمه في نجاحاته المهنية طوال ثلاثة عقود في بداياته.

من يُنجز، يحق له أن يقول ما يشاء، ويجب أن نتذكّر بأن من حق الكل الوقوف والاعتراض.

كان معدّل تناول شوارزنيجر في سنواته الذهبية يعادل مئتين وخمسين جرامًا يوميًا على الأقل من البروتين الحيواني؛ هذا الرقم الذي يعرف أبسط مطّلع على علوم التغذية أنه من شبه المستحيل تحقيقه من مصادر غير حيوانية دون مضاعفات. ثم إنَّ معدّل تسارع العائد المركّب من الاستثمار لن يكون في أفضل حالاته إن زِيدت الضرائب على المستثمرين بمعدل سنوي، الذي سيطوِّل مشوار تحقيق الثروة للساعين لها، بنفس معدل (أو تسارع بافيت).

أستطيع أن أُغرِق هذه المقالة بحزمة طويلة من التناقضات التي أدعو إليها ولا أطبقها، كما إنني أستطيع أن أفترض بأن ما أدعو إليه قابل للتطبيق أصلًا! ولذلك دائمًا ما أجد صعوبة كبيرة في امتصاص ٩٠٪ مما يُنشر في عوالم البودكاست فيما يخص النصائح المرتبطة بالأعمال التجارية مثلًا، التي تتسم بشدة التعقيد في ظروفها.

كلما تمر السنين، أجد أن العوالم الخارجية المؤثرة على عملي، أكثر بكثير من كل المحاولات الجدية للتكيّف. أستحضر لُطف الله والسعي، أكثر من محاولاتي المستميتة لتطبيق ما يوجد في حِزم النصائح المقولبة.

المحاكاة، ربما تكون طريقًا أقصر إن طبّقناها مع من نود أن نكون مثلهم، وأقول طريقًا أقصر، ولا أقول طريقًا مضمون. وقبل المحاكاة، يجب أن نرفع مستوى الوعي إلى درجات (رغم بداهتها) إلا إنها صعبة؛ في تفنيد كل شيء نسمعه، وكل شيء نراه، ونقارن حياتنا وتوقعاتنا وظروفنا معها.

أنصت لما يفعله الآخرون، وليس ما يقولونه.

سيكلوجيا الإنسان

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

لماذا أنا وأنت لا نشعر بالاكتفاء؟

معرفة ما يُسعدك أمرٌ سهل، ولكن مشكلتك أنك تريد أن تكون أسعد من الآخرين

لماذا أنا وأنت لا نشعر بالاكتفاء؟
للأعضاء عام

لماذا نحن البشر نحب التعقيد؟ (حتى في العلاقات)

سمة التعقيد نفرضها على حياتنا وحياة من نُحب، لأننا قد لا نستطيع قبول أمر وجودهم لأنهم هنا معنا ببساطة

لماذا نحن البشر نحب التعقيد؟ (حتى في العلاقات)
للأعضاء عام

المتع الصغيرة في يوم مزدحم

لا تدور الحياة على المُتع بالطبع، إلا إنها لو اكتفت أن تكون حول ما نتوق إليه من أمور صغيرة، ستُصبح أكثر حماسًا؛ ولو عشرة بالمئة. جلسة القراءة المسائية، قهوة مع صديق، ساعة مشاهدة المسلسل بعد يوم طويل، أو كتابة القليل من الكلمات، كلها أمور تستحق أن يتطلّ

المتع الصغيرة في يوم مزدحم