عن الوِحدة
المنزل (نقصد في معناه باللغة الإنجليزية Home ولا نقصد البيت House): هو المكان الذي نشعر فيه بالانتماء.
الوِحدة هي عكس الإحساس بالانتماء.
قد يكون العمل الذي نحبه منزلًا، الرفقة التي نحبها منزلًا، المدينة التي نعشقها، الفريق المفضل، الحبيب، أو الصديق.
المنزل هو المكان الذي نكون فيه على سجيتنا، أو على طبيعتنا بشكل كبير. والأهم إحساسنا شبه المطلق بالراحة معه.
المنزل: وربما يكون أقرب تأويل له هو السكن؛ من السُكنة.
«وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا …» (الروم ٢١).
الوِحدة: هي الإحساس بعدم الانتماء. بغض النظر عن المكان الفيزيائي أو الأشخاص المحيطين بنا.
قد تكون الوٍحدة متعلقة بأمر محدد نعيشه، وليست حالة كاملة في كل جوانب الحياة، كأن يقول أحدهم «أشعر أنني وحيد في العمل» أو «رغم وجود الأهل والأصدقاء إلا أنني أشعر بالوِحدة».
«في كل مجتمع أقابله، ألتقي بأُناس يشعرون بالوِحدة على الرغم من وجود سقف فوق رؤوسهم. ربما ما يحتاجه الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة والأشخاص الذين يعانون من التشرد هو منزل مع بشر آخرين يحبونهم ويحتاجون إليها، ومعرفة أنهم يحتاجون إليها في المجتمعات التي تهتم بهم. هذه ليست أجندة سياسة. هذا اتهام للحياة الحديثة.» كما يصف ميرثي.
في الثمانينيات، تم تغيير مُسمى «فقراء» على الأشخاص الموجودين في الشارع إلى «مُشرّدين»، كما وصفت الباحثة والكاتبة جيل ليپور، وقد علّقت على الدكتور ڤيڤيك ميرثي (صاحب الاقتباس السابق) بأنه كان دائمًا ما يخلط في وصفه بين «الوحيد» وبين «المشرّد» في حين أننا نتوقع بأن هذا الخلط ليس سقطة بقدر ما هو إسقاط على تشابه المشاعر بين الحالتين. فالوحيد لا يشعر بانتماء رغم وجود الأشخاص، بينما المشرد لا يملك ما يشعره بالانتماء.
«الوحدة مصطلح رائج، ومثل جميع المصطلحات الرائجة، فهي غطاء لجميع أنواع الأشياء التي يفضل معظم الناس عدم تسميتها وليس لديهم فكرة عن كيفية إصلاحها. يحب الكثير من الناس أن يكونوا بمفردهم. أنا نفسي أحب أن أكون وحدي. لكن العزلة والخصوصية هي الأشياء التي أحبها، وهي تختلف عن الوحدة، وهي الأمر الذي أكرهه. الوحدة هي حالة من الأزمة العميقة…» تكمل ليپور في وصفها.
أكثر ما استوقفني في قراءتي لمفهومي العُزلة والوِحدة كان جدال الباحث «كاكيوپو» على لسان ليبور:
«جسمك يفسِّر حالته عندما يكون وحيدًا أو عندما يكون بمفرده، أو عندما يكون مع الغرباء، على أنه حالة طارئة … نتنفس وتدق قلوبنا بسرعة، يرتفع ضغط الدم، لا ننام. نتصرف بالخوف والدفاع بشكل ذاتي، وكل ذلك يبعد الأشخاص الذين قد يرغبون بالفعل في المساعدة، ويميلون إلى منع الأشخاص المنعزلين من فعل ما سيفيدهم أكثر: وهو التواصل مع الآخرين.»
تقول الخلاصة: عندما يشعر الإنسان بالوِحدة، فإنه يميل إلى الانعزال أكثر من ميله إلى التواصل مع الآخرين، وهو عكس ما يحتاجه. يصاحب الإحساس بالوحدة الاكتئاب، والأفكار المجنونة، والأحاسيس السلبية.. ومنها فقد الاسترشاد تجاه اتخاذ قرارات حكيمة. ويصبح الإنسان خائفًا، وبالتالي يزداد حس التخبط عنده.
الانعزال، دائمًا ما يكون شيئًا اختياري، وهو على الأغلب أمرٌ صحي بين الحين والآخر.
كان الله في عون الجميع.
المرجع:
Lepore, J., 2020. The History Of Loneliness. [online] The New Yorker. Available at: <https://www.newyorker.com/magazine/2020/04/06/the-history-of-loneliness> [Accessed 15 April 2020].
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.