اعمل صيانة لبيتك الله يهديك
أستغرب من الرجال الذين يماطلون أنفسهم حتى تنبح أصوات زوجاتهم
أحد الأمور التي تستوقفني في حياتي هي أن البشر عندما تواجههم مشكلات بسيطة في المنزل، فإنهم يصرفون وقتًا طويلًا لحلّها. أتحدّث عن خراب شطّاف الحمام، تنسيم الإطار الخلفي للسيارة، أو تعطّل مصباح الصالة، أو وجود خرخرة في المطبخ. وسأدّعي اليوم إنني من فئة الأشخاص المنجزين المصلحين السريعين لأيٍ من هذه المشاكل التي تحدث فجأة في الحياة، ليس لأنني إنسان مقدّس أو تنويري مبارك، لكن لأنني ببساطة اكتشفت أن عقلي لا يتحمل بقاء أمور صغيرة معلّقة في حياتي اليومية، وأنا أنظر إليها كل يوم وهي تنكِّد عليَ. يعلم أهل بيتي أن أي شيء خرب أو تعطّل أو نقص في البيت فإنني أوفره فورًا وبسرعة، بل أستغرب من الرجال الذين يماطلون أنفسهم حتى تنبح أصوات زوجاتهم.
طالما أن المشكلة قد ظهرت، وستبقى أمامك، فمن الأجدى أن تحلها فورًا وسريعًا وبشكل جذري، لكي تركّز بعدها على الأمور الأكثر أهمية. كانت هذه أحد أشهر نصائح المستثمر المعروف والقدوة «تشارلي منجر» الذي كان دائمًا ما يشجع ريادي الأعمال على محاولة حل مشاكلهم بسرعة.
هذا الأمر بالتحديد وبعد عدة تجارب حياتية اتسمت بالمعاناة في تراكم الخرابات، جعلني اتخذ قرارًا قديمًا بأن أكون سريعًا في المعالجة، وقبلها أن أولي موضوع النظافة والصيانة الوقائية المنتظمة اهتمامًا كبيرين، وصلا إلى حد المبالغة أو الهوس أحيانًا. فالصيانة المنتظمة هي الحل السحري والوحيد الذي يضمن استمرار عمل الأشياء (وحتى الأشخاص) بكفاءة عالية. هذا ما لاحظته مثلًا عندما أقمت لعام ونصف في ميامي، في منزل جميل عبارة عن شقة في مجمع سكني كان قد بُني قبل قرابة الخمسين عامًا. كُنت عندما أخبر من حولي عن هذه المعلومة فإنهم لا يكادوا يصدقونها؛ لأن المبنى لا يظهر عليه أي علامة من علامات الاستهلاك مثل مبانينا، والسر بطبيعة الحال يعود إلى كفاءة وغزارة الصيانة المنتظمة على المبانِ.
كل صيانة لم تُنجز وكل مشكلة صغيرة لم تُحل، ستتحول فيما بعد إلى كرة ثلجية قد تعطّل سير حياتك بالأيام!
سألت ابن عمتي العزيز أكرم جمل الليل - وهو أحد الخبراء في مجال السيارات في حياتي - عن السر خلف بقاء سياراته التي اقتناها طوال حياته لفترة طويلة نسبيًا، وهي تعمل بكفاءة عالية، ليخبرني عن أمرين فقط: ١. لا توقفها تحت الشمس ٢. انتظم في الصيانة دائمًا ولا تتأخر. سألته عن نصيحة ثالثة، ولم يكن لديه. هذه النصيحتين ربما كانتا على بساطتهما صعبة على الكثيرين، وإلا لما كانوا وكُنت ممن يعانون دونها.
أتحدث اليوم عن أمرين: سرعة حل الأعطال، والتركيز على الصيانات الوقائية. وهي ربما تكون متعبة لحظيًا، إلا إنهما – شبه ضامنين – لراحة البال على المدى الطويل. تشمل الصيانة المنزلية على ملفات الأسرة، مثل استخراج الأوراق الرسمية، تجديد الجوازات قبل انتهائها بستة أشهر، التأكد من انضباط الأوراق المرتبطة بالمنشآت الحكومية، وغيرها.
وددت أن أتحدث، وأُسهِب أكثر فيما يخص أمرين آخرين: صيانة العلاقات الاجتماعية (ووجدت أنها تستحق أن يُفرد لها مقالة مطولة منفصلة)، وصيانة المهام العملية في العمل، وخشيت الموضوع الأخير أن أغرق في نصائح تقليدية في ريادة الأعمال، التي لا أحب أن أكتب عنها كثيرًا.
لا يفوتني أن أقول أحد المواضيع الشيقة التي أود الكتابة عنها أيضًا هي كتاب مستقل، موجّه إلى ربّات المنزل والرجال المسؤولين فيما يخص شؤون المنزل والكفاءة الحياتية، وقد يكون أحد مشاريعي الطويلة القادمة بإذن الله.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.