عندما قابلت مشهور ميامي عند الحمّام

في أغسطس عام ٢٠٢٠م، كُنت مقيمًا في مدينة بالقرب من ميامي، وقد زرت مع اثنين من جيراني فندقًا كان صرعة جنوب فلوريدا (Hard Rock Hotel)، وقد افتتح قبلها بعام. كان الفندق تحفة معمارية بحق، فالمبنى بالكامل على شكل جيتار، ويحتوي على عدة مرافق (أشهرها طبعًا الكازينو)، ولا أود أن أستعرض على القارئ إن قلت له إنني لم ألعب لعبة واحدة، أو صرفت هللة واحدة على أيٍ من فعاليات الكازينو، لاقتناعي إنني من فئة الذين يتعبون على أموالهم، ولا يودون أن تضيع على فعاليات يحكمها الحظ.
على كل حال، بُني الفندق في منطقة تُسمى سيمينول (Seminole) وهي منطقة تحت حكم - شبه ذاتي - لإحدى قبائل الهنود الحُمر التي تُسمى بنفس الاسم، معترف بها فدراليًا. ومن المسموح لديهم ما هو غير مسموح لدى بقية الأقاليم، مثل إنشاء الكازينو، والسماح بالتدخين داخل المرافق وغيرها من الاستثناءات، التي أعطت الفندق شيئًا من المساحة المرنة مع زواره.

كان يوجد في الدور الأرضي عدة مطاعم رائعة متنوعة، ومحلين للحلى والقهوة، وكان يوجد محلًا لبيع السيجار. وعندما كُنّا نتجوّل في الفندق، وجدت بعض الازدحام حول محل السيجار، واعتقدت أنه يقدم عروضًا بيعية خاصة، أو نشاطًا يحكمه الحظ استكمالاً لما هو موجود في الجهة الأخرى في الكازينو. تجاوزنا الازدحام الطفيف، واستأذنت جارتي للذهاب إلى دورة المياه. وفي أثناء خروجي منه، فتح الباب مقابلي رجلٌ أسود فارع القامة يرتدي أقراطًا في أجزاءٍ من وجهه ونظارة شمسية وقبعة، ملابسه مليئة بالألوان. توقّف أمامي لثانية، وسألني «كيف الحال؟» أو Hey Whats Up؟ توقفت بعدها للحظة، وحاولت أن أتذكّر أين رأيت هذا الشخص، ولما وجهه مألوف إلى هذا الحد. خرجت من الحمام لأجد في الخارج عددًا كبير نسبيًا من البشر ينظرون إليَ، شككت في نفسي، ثم نظرت إلى باب الحمام محاولًا استيعاب ما ينظرون إليه. ولم أكترث كثيرًا في الحقيقة، وقررت إتمام مسيرة التمشية في الفندق، حتى أعدنا المرور أمام محل السيجار في وقت لاحق الذي كان لا يزال مزدحمًا، ووجدت الرجل الذي قابلته في الحمام داخل المحل، والجميع يحاول التقاط صورًا له، وقمت وقتها بسؤال جارتي عن ماهية هذا الرجل، الذي يبدو مألوفًا جدًا لي. وأخبرتني أنه لاعب كرة السلة المعتزل المعروف دينيس رودمان الذي كان ضمن فريق الأحلام الذي زامل الأسطورة الرياضية مايكل جوردان، والذي تزوج (أو تصاحب) أيضًا من المغنية المعروفة مادونا فترة من الزمن.
في ذلك العام، ظهر مسلسل وثائقي اسمه The Last Danceعلى نيتفليكس الذي يحكي مسيرة مايكل جوردان التاريخية في كرة السلة والرياضة عمومًا، وقد كان دينيس رودمان شخصية رئيسية فيه، وربما هذا الأمر أسهم بإحياء صورته في الذاكرة مرة أخرى، خصوصًا للأجيال التي لم تعايشه، وربما هذا ما أعطاه شيئًا من الزخم.
ولأن الفندق كان جديدًا، وظهورشخصية شهيرة كان جديدًا على سكّان المنطقة وما حولها، بعيدًا عن وسط ميامي أو ميامي بيتش، فقد التموا عليه، والتقطوا ما يمكن التقاطه من الصور. كان من المثير إنني بعدها بأسابيع أخبرت القصة لبعض أصدقائي هناك، وأخبروني بدورهم أن رودمان شبه مداوم في هذا الفندق، وأصبح الجميع يرونه باستمرار هناك. وبالفعل، بعد عدة أسابيع زرت الفندق مرة أخرى مع عائلتي، ووجدته يسير وحده دون إزعاجات، متيقنًا أن وجوده الدائم خفف إحساس الندرة تجاهه، وهذا ما قد يُعلّمنا أن الظهور العام المستمر حتى للمشاهير يخفت بريقهم قليلًا، ويخفف الهوجة تجاههم.
نافورة فنانة كانت في وسط الفندق
من أعجب الأمور التي وجدتها في نفسي، إنني لا أحب الكتابة عن الذكريات التي كُنت سعيدًا فيها، خشية أن أظلمها أو أن أنسى بالخطأ أجزاءً منها. زرت مثلًا الهند الشهر الماضي، وقد قررت أن أكتب عن الزيارة باستفاضة وتفصيل، وبسبب خوفي المذكور أجّلت مشروع سرد تفاصيل الزيارة، وقررت بدلًا عنها أن أكتب هذه القصة البسيطة كبديل مؤقت لها.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.