تخطى الى المحتوى

الطاولة لا ترتفع

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

زارني الصديق عُمر عاشور في مكتبي اليوم. فارق الطول الفيزيائي لصالحه دومًا … جلس أمام مكتبي مستخدمًا جهاز اللابتوب الخاص به وهو في مواجهتي. كُنّا منتظرين زيارة ضيف كريم بغرض الاجتماع معه، وعندما يأتي … كُنّا سننعدل في الجلسة ونأخذ وضعية أكثر ملاءمة.

«ألا ترتفع الطاولة قليلًا؟» كان سؤاله لي! … طاولة المكتب مصممة بطبيعة الحال ومهيأة لجلوس أصحاب القامات الأقصر قليلًا. أخبرته (أثناء إنشغال كل واحدٍ فينا في جهازه) أنه من الممكن (على ما أعتقد) أن يزيد ارتفاعها. لكنه سرعان ما تجاهل إجابتي، وتجاهلت سؤاله، ليكمل كل واحدٍ فينا عمله.

الطاولة … كانت أحد الأمور شديدة السفسفة خلال اليوم، والتي وإن رَكزَ عليها عمر، أو ركزت عليها لحظتها، لانتقل التركيز بالانشغال ربع ساعة أو أكثر بها حتى يأتي ضيفنا الكريم، ولم نكن سنُضيف آخر ملاحظة على ورقة الاجتماع التي كُنّا نعدها.

هناك العديد من الأمور التي تأخذ لحظات تفكير منّا خلال اليوم، وإن إدعيّنا أنها جميعًا لا تستدعي حجم انتباه أو تركيز عالٍ، وقمنا بالتركيز عليها لاعتقادنا بقدرات سرعتنا على إنجازها؛ سوف لن نعي بوضوح أن الانتباه قد تشتت، والتركيز لم يُصرف في محله الصحيح.

«إللي بعده» … هي الجملة التي يجب أن تُقال مع كل لحظات قليلة ننجز فيها شيء ما، ولا يستدعي الأمر ك الوقوف عند كل شيء، فإن الوقوف عند طاولة أحمد في المكتب، وسلة النفايات في البيت، وآلاف اللحظات التي قد نولي اهتمامًا لها، قد لا يعطينا إيحاءً أو واقعًا فيه إنجاز.

ونفس هذه الجملة، يجب أن تُقال للكثير من لحظات الضيق، والمكالمات المستفزة، ومواقف الشارع وقيادة المثيرين للشفقة.

الطاولة لا ترتفع، والأمور لا تأتي على مزاجنا كل لحظة.


هذه المقالة كُتبت عام ٢٠١٨م في ستة دقائق. كان الهدف منها أمرين: ١. أن أدون فكرة كانت موجودة في بالي لأراها على الورقة أمامي و٢. لكي أخبر أصدقائي اللذين يريدون أن يكتبوا، أن الكلمات تأتي كالسِحر، عندما نبدأ الكتابة، وليس عندما نقرر أن نكتب.

عن الكتابة

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

الكلاحة هي السلاح الأهم للكتابة (ملفات القرّاء ٩)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أتمنى إني كنت أول تعليق (😅 لزمة المنتديات قديمًا). لطالما استمتعت بنشراتك البريدية وبما تكتب (متى ما استطعت إيجاد اللحظة التي تجمع توفر الوقت وانتباهي لوصول نشرتك في صندوق البريد الإلكتروني المزدحم). في مختلف حياتي العمرية تأتيني فترات انشغل فيها بالقراءة فاشعر أن ذائقتي بالكتابة

الكلاحة هي السلاح الأهم للكتابة (ملفات القرّاء ٩)
للأعضاء عام

لو لم تكن كاتبًا ماذا ستكون؟ (ملفّات القرّاء ٨)

لو ما كنت كاتب إيش حتكون؟ صديقي العزيز عمران، سؤال لطيف. في الحقيقة لا أعلم. فكّرت في السابق أن أكون طيّارًا، لحبي للسفر، وأيضًا لاعتقادي أن هذه المهنة تملك مساحات مختلفة من أوقات الفراغ في الشهر، وستساعدني في موضوع الكتابة والقراءة. ولكن لأنني أصبحت آخر سنوات

لو لم تكن كاتبًا ماذا ستكون؟ (ملفّات القرّاء ٨)
للأعضاء عام

كم ساعة تقرأ في اليوم؟ (ملفّات القرّاء ٧)

مقدّمة: إن كُنت أحد سكّان مدينة جدة، أدعوك لحضور أمسية ثقافية يوم الاثنين (٣٠ سبتمبر ٢٠٢٤م) بعنوان «الشعور بالانتماء ضرورة أم رفاهية؟». رابط التسجيل هنا. تنورونا. ننتقل إلى ملفّات القراء.. السلام عليكم، أشكرك أخي أحمد على إتاحة الفرصة لي، سؤالي كم ساعة تقرأ باليوم، وهل تقرأ كتاب

كم ساعة تقرأ في اليوم؟ (ملفّات القرّاء ٧)