تخطى الى المحتوى

نصائح جديدة في السفر: للرحلات الطويلة - مقالة ساخرة

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
نصائح جديدة في السفر: للرحلات الطويلة - مقالة ساخرة

أحدثكم من «ديڤي» وهي مدينة بالقرب من «ميامي، فلوريد». وسأدخل في الموضوع مباشرًة..

لا توجد رحلات مباشرة من المملكة لفلوريدا (باستثناء رحلة أورلاندو فترة الصيف). ولذا كان عليَ أن أُفتي في اختياري لهذه الرحلة لكي أؤدي عملي في مدينة ميامي. اخترت الذهاب عبر طيران الخطوط التركية، لأبيت ليلة في إسطنبول وتكون رحلتي في اليوم التالي لميامي.

أخذت بعض الاحتياطات لتكون هذه الرحلة الطويلة مريحة قدر الإمكان، وكانت كالتالي:

  1. بنطلون أقرب ما يكون لبيجامة.
  2. آيباد وكمبيوتر مليئين بأنواع الترفيه والكُتب المناسبة لي.
  3. دفعت ما يقارب ٨٢٠ ريال إضافية لأحصل على مقعد في الصف الأمامي في الدرجة السياحية وأكسب به بضع سنتيمترات لتمديد الأرجل.
  4. استأجرت سيارة لمدة اثني عشر ساعة في إسطنبول لأمتلك بعض السيطرة على وقتي، وبالطبع في محاولة للتوفير. (المشوار من المطار الجديد إلى البيت ٥٠ دقيقة يُكلف حوالي ١٥٠ ليرة، ذهابًا وإيابًا [٣٠٠ كمجموع]، وتكلفة إيجار السيارة ١٥٠ ليرة تقريبًا ليوم كامل).

وسأعقّب على النقطة الأخيرة بأن أحكي قصة الفيلم الذي حصل لي.

عندما أخذت السيارة، حاول مسؤول التأجير إقناعي بدفع ما يقارب ٨٥ ليرة تكلفة تأمين شامل، وهو أمر أقوم به دائمًا لأبتعد عن أي مفاجآت -لا قدر الله- ولسبب أجهله أو ربما لحماقتي؛ رفضت هذا العرض، وهنا تكمن النصيحة الأولى: إيّاك أن تستأجر سيارة دون أن تؤمن تأمينًا شاملًا حتى وإن كلّفك ضعف مبلغ الايجار.

كنت مقتنعًا أن اثني عشر ساعة بمجموع ثلاث مشاوير على الأغلب، لن يحدث فيها شيء، فقبلها استأجرت في نفس المدينة من نفس المحل سيارة لمدة ٣٥ يوم.

لكن بالطبع حدث شيء!

عند إحدى بوابات HGS (وهي شبيهة ببوابات عبور «سالك» في مدينة دبي) كانوا الأحبة الأتراك قد وضعوا الأعمدة العرضية لإيقاف السيارات قبل عبورها، وما حصل باختصار أن هذا العامود الجديد، قد نزل بشكل غير متوقع -بالنسبة ليَ- وهشم زجاج السيارة. وأترك هنا خيال القارئ اللبيب لما حدث. على كل حال كلفني هذا الزجاج ١،٥٠٠ ليرة تقريبًا.

كان إقلاع رحلتي إلى ميامي بحدود الساعة ٢:٠٠ ظهرًا، ولأن الرحلة كانت في منتصف اليوم، نعم، وكما هو متوقع، كُنت قد صعدت إلى الطائرة وأنا شبعان نوم كما نقول باللهجة العامية، وبعد الإقلاع، أكملت دورتي التدريبية المُحمّلة على الآيباد، وقرأت عشرات الصفحات من كتابي الذي أحمله، وشاهدت حلقة على نيتفليكس، لأنظر إلى الساعة بعدها وأكتشف أن ثلاث ساعات قد ذهبت، والمتبقي فقط عشر ساعات.

حرفيًا.. كُنت سأبكي في تلك الأثناء، رغم ادعائي المستمر أنني لا أمانع الرحلات الطويلة لاقتناعي أنني من أفضل الشخصيات التي تُتحف نفسها بالقراءة والكتابة وبرامج الترفيه على الطائرة، خصوصًا في عدم وجود أطفال في المحيط.

كان مجموع ما أغمضته عيني في هذه الرحلة لا يتجاوز ثلاثين دقيقة، وهنا تشكّلت في ذهني النصيحة الثانية: إياك أن تحجز رحلات طويلة في منتصف اليوم، ابحث دائمًا على الرحلات في الفجر أو أواخر الليل، وأشجع هنا -على غير عادتي- بالاستعانة بأدوية أو أي وسائل جدية تساعد على النوم. لأنك ستكون مع الإرهاق غير مُنتِج وغير مستمتع. بل أن المضحك في الموضوع في حالتي، أنني توقعت أن أنجز كتابة ثلاث آلاف كلمة في هذه الرحلة، وبالطبع أنجزت فتح اللابتوب وإغلاقه ثلاث مرات دون أن أكتب حرفًا واحدًا، حتى كاد يظن من بجانبي أنني أعاني من شيء!

قبل صعودي للطائرة، غامرت بالإفطار في مكان كنت أعرف أنه ليس مكانًا جيدًا للإفطار، وفي تأملي لهذه الخطوة تحديدًا اكتشفت أن الحماقة قد تستوقف صاحبها أحيانًا لتقنعه أنه يجب أن يبذل في المرة القادمة المزيد من الجهد ليفكر خطوتين للأمام عوضًا عن التركيز على اللحظات اللحظية. على كل حال، صعدت الطائرة وأنا شبه جائع، لأقرر انتظار وجبة الغداء. مشى الحال، وتغديت.. لكن المشكلة كانت قد ظهرت بعد مضي عشر ساعات عندما نزل عليَ جوع لم أستوعبه أبدًا!.. فجأة أصبحت إنسانًا لم يأكل منذ أسبوع!

ذهبت للمضيفة لأشكي لها عن هذه المجاعة، لتعتذر بلطف وتخبرني أن «السناكس» قد فرغت ولا يوجد متبقٍ منها، وربما سيقدمون شيئًا يكاد يكون وجبة قبل الهبوط بساعة. وعند عودتي إلى المقعد، اكتشفت أن الأخ الذي بجانبي قد قرأ أفكاري، ليُخرِج كيس «شيبس» ويبدأ في تناوله (دون أن يُضيفني)؛ بل أن المثير في الموضوع أنه استيقظ فجأة من نومه.. تناول الشيبس.. وعاد للنوم مرة أخرى.. وأنا أتأمله وأشعر لأول مرة في حياتي بإحساس صادق بالحسد.. يا للهول!

وهنا ربما يجدر بي أن أقترح على القارئ الخبير مثلي نصيحة ثالثة: إياك أن تصعد إلى رحلة طويلة دون أن تأخذ معك وجبة أو وجبتين أو سناك.

حاولت أن أُلطّف تأثير هذه الرحلة على نفسي، لأنني سأكون موعودًا بتكرارها خلال الأشهر القادمة، وحرصي على مشاركة هذه النصائح غير التعبير عن الذات طبعًا، هو التأكد من ترسيخ هذه المعلومات في عقلي الباطن، فلا يجب على الإنسان الفطن أن يكرر أخطاءه.

شؤون اجتماعية

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

اقتراحات يوليو ٢٠٢٤م: بودكاست وكُتب وأماكن

كان من المثير للدهشة بالنسبة إلي، أن اقتراحات يونيو ٢٠٢٤م قد لاقت تفاعلًا من القريبين أكثر من القرّاء، وهذا أمرٌ لطيف في الحقيقة، لكيلا يشعر المُقترِح أنه «يكلم جدار» مع اقتراحاته. عمومًا، لا يمكن أن أُعطي اقتراحات خارجية، قبل أن أحصل على شيء من

اقتراحات يوليو ٢٠٢٤م: بودكاست وكُتب وأماكن
للأعضاء عام

لماذا تطرد برشلونة سُيّاحها؟ (الموضوع أعقد مما نتصور)

ربما يكون أحيانًا تغيُر نمط حياتهم البسيطة بشكلٍ جذري سببًا كافيًا لعدم تحمّل الضيوف!

لماذا تطرد برشلونة سُيّاحها؟ (الموضوع أعقد مما نتصور)
للأعضاء عام

قصة الحادث الذي لم يغيّر حياتي - الجزء الأول

تريدون قصة؟ سأحكي لكم واحدة. كُنت أدرس في المرحلة الثانوية عام ٢٠٠٤م. اتصلت على أحد الأصدقاء (الذين تخرّجوا)، واتفقت معه أن يمر عليَ صباح اليوم التالي ليقلّني من البيت بسيارته في تمام الساعة السابعة صباحًا، في الفترة التي كان فيها معظم من في سني لا يملكون

قصة الحادث الذي لم يغيّر حياتي - الجزء الأول