عن دخول دورة مياه النساء بالخطأ!
رفعت الآنسة جوالها، ثم أعادته إلى جيبها.. واستدارت. وانصدمت.
استأذنت صديقي للذهاب إلى دورة المياه بعدما كُنت أحادثه وسط زِحام معرض أحد المهرجانات الكبيرة لدينا في ديسمبر ٢٠٢٣م. وعندما انتهيت وهممتُ بالخروج من الحمام، رأيت من الجنب إحدى الآنسات وهي تقف أمام مرآة المغسلة وهي تُفرِّق وتُسرّح شعرها الطويل المصبوغ بالخُصل، تارة إلى اليمين وتارة إلى اليسار، كانت ترتدي بنطالًا وقميصًا أسودين فضفاضين، وإحدى ذراعيها فيها إسورتين فضية أو ذهبية. تجمّدت مكاني من هول الخطأ الذي ارتكبته دون قصد. فإما أن هذه الآنسة دخلت دورة المياه الخطأ، وإما أنني دخلت بالخطأ قسم النساء (وهو ما رجّحته).
استمريت في الوقوف لمدة ثلاثين ثانية أحاول معالجة الفضيحة القادمة -غير المقصودة- في مهرجان شديد الازدحام والصخب والمليء بالمعارف، كما إنني لم أعهد نفسي أن أكون مصدرًا لإحراج الآنسات في مثل هذه المواقف.
فكرت في الخروج سريعًا شبه راكض على أمل ألا تراني، وفي الوقت نفسه خِفت أن يتلقّفني أحدهم في الخارج، وأنا مُسرع، ظانًّا أنني أنهيت للتو ارتكاب جريمة! بدأت دقّات قلبي تتسارع، وبدأت أصاب بالتعرّق، رسمت كل سيناريوهات الموت المحتملة، ولم أعرف لما لم أستطع السيطرة على نفسي لحظتها!
رفعت الآنسة جوالها، ثم أعادته إلى جيبها.. واستدارت. وانصدمت.
كانت رجلًا!
كمية الأوكسجين المستنزفة ودقّات القلب كانت بلا جدوى. لعنت كل شيء يخص الإعلام أسهم بتحويل هيئة هذا الشاب إلى فتاة! طريقة اللباس، خصل الشعر، الهيئة الجسدية الرفيعة، والأساور.
ثم استهديت بالله مؤمنًا أن ما أمر فيه هو أزمة منتصف عمر مبكرة، جعلتني ألعن كل موجة جديدة وتغيير لم نعهده. مع محاولة مستميتة داخلية لتقبّل ما هو مختلف!
تذكّرت هذه القصة لآنها حصلت لي بنفس التفاصيل البارحة هنا في إسطنبول، إلا أن الفارق أن دورة المياه كانت مزدحمة بالرجال، ولم تستدع تسمّري ثلاثين ثانية.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.