تخطى الى المحتوى

اختيارات نوفمبر ٢٠٢٣

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
2 دقائق قراءة

الفترة الماضية بالنسبة لي كانت فترة قراءة واطلاع جيد. أحاول مثل أي إنسان يطمح للخروج من دوامة التواصل الاجتماعي والأخبار الحزينة التي يتلقّفها من كل حدبٍ وصوب أن ينأى بنفسه إلى ما فيه صلاحٌ، ونمو لروحه، ونفسه، وحياته. وهنا بعض اختيارات الهروب.

رواية المعطف، نيكولاي غوغول: غوغول يا أخي! نص قصير ممتع، وبديع وبليغ. الظلم، والبيروقراطية، وفقدان الأمل في الحياة، والفساد.. كلها استُعرضت بأبهى صورة في الرواية. يا لهذا العمق داخل جوف كلمات قليلة، ورغم أن المترجم -هداه الله- قد حرق القصة منذ الصفحات الأولى، إلا أن شيئًا من إثارتها لم ينقُص. تعرّفت على نيكولاي غوغول بالمناسبة عن طريق الإعلامي المعروف هاني نقشبندي -رحمه الله- فهو يرى أن غوغول أب الأدب الروسي، بل وأعلى مكانة من تولستوي ودوستويفسكي، ولا أستطيع شخصيًا أن أنكر أو أؤكد هذا الكلام، لقلة اطلاعي لأعماله. عمومًا رواية قصيرة، رائعة.

رواية الغريب، ألبير كامو: ماذا إن واجهنا فجأة قرارًا مصيريًا في حياتنا في نفس اللحظة التي نحتاج فيها الدخول إلى الحمام؟ كيف سيكون أهم اجتماع ترقية إن حضرناه ونحن جائعين؟ ألبير كامو.. الروائي الفيلسوف (الحاصل على جائزة نوبل)، الذي لطالما تجنّبته دون سببٍ وجيه، ألتقي به اليوم في رواية غريبة كعنوانها؛ كُتبت عام ١٩٤٢م. حوكِم مورسو (بطل الرواية) لغرابته أكثر من فعله.. تمامًا كما يُحاكمنا البشر لما يروه علينا أكثر مما هو موجود داخلنا. مورس وإن كان غريبًا، فهو غريب بحساسيته تجاه ماديات الحياة ومشاعره لها، وغريب لأن الآخرين يرونه غريب. يجوع الإنسان ويعطش، يشعر بالنعاس.. ويشتهي التدخين، ويقرف من الحر. كل هذه الأحاسيس المادية تتحرّك بتأثيرها داخلنا دون أن يشعر بها أحد، ولا يمكن أن يتقّبلها المجتمع إن ساهمت ولو لمرة باتخاذنا قرارًا سيء، أو تصرف مشين. هل يجب أن يُبعِد الإنسان نفسه عن الآخرين إن كانت روحه ونظرته للحياة تتغير بسبب نقص النوم؟ هل نستهين بتأثير حياتنا المادية على روحنا؟ لا أعرف تمامًا إن كانت هذه الرواية تحاول الإجابة على هذا السؤال بالتحديد. جميلة.. أربعة نجوم.

كتاب Fitness Confidential للمدرّب المعروف Vinnie Tortorich: بعد أن قضى أكثر من خمسة وعشرين سنة في التدريب الشخصي والتثقيف الغذائي، يظهر فيني في هذا الكتاب المتواضع في إخراجه إلينا بتحفة فنية يستطيع الإنسان أن يغير حياته الرياضية والغذائية، كتاب مفاجئ بالنسبة لي، يستحق خمسة نجوم. كما أن الكاتب نفسه لديه وثائقي عظيم عن الدهون شاهدت كليهما باستمتاعٍ بالغ هنا (الجزء الأول) وهنا (الجزء الثاني) [حرق لبعض محتواهم: الدهون ليست عدوك الأول، إنما السكر].

كتاب التداوي بالفلسفة، لسعيد ناشيد: هو امتداد لا بأس به لتحفة آلن دو بوتون العظيمة «عزاءات الفلسفة»، والذي أنصح بقراءته قبل هذا الكتاب. كيف للفلسفة أن تداوي جراحنا غير المرئية؟ كيف يمكن أن نكون أشخاصًا أفضل إن قرأنها بعين بصيرة أكبر.

The Well-Lived Life: A 102-Year-Old Doctor’s Six Secrets to Health and Happiness at Every Age by Dr. Gladys McGarey: تشارك طبيبة الهوليستك المعمّرة والظريفة قلاديس مكجراي أسرار معيشتها التي امتدت إلى عمرها الحالي ١٠٢ عامًا، الجانب الوحيد الذي لم أستوعبه إعطاءها ثقلًا كبيرًا على مفهوم الحب في حياتنا. تعتقد من خلال الكتاب أن أحد أهم عناصر الحياة السعيدة والطويلة هو امتلاك الإنسان لما أسمته (عصير الحياة) أو نسميه سببًا للعيش، هدف عملي، أو أهداف شخصية تعطينا متعة الرحلة في تأثيرها أكثر من متعة الوصول.

فيلم Titres: أولًا.. تستطيع مشاهدة هذا الفيلم برفقة الأسرة، ثانيًا أعتقد أن الفيلم سيحصل على جائزة ما نهاية العام (ولو أن توقعاتي في هذا الأمر دائمًا ما تخيب بصراحة)، إلا إنني وجدته عملًا عظيمًا بحق. عندما كُنت في إجازتي الماضية برفقة أصدقائي خارج المملكة، اقترح أحدهم أن نآثر الجلوس في المنزل لمشاهدة هذا الفيلم عن الخروج مساءً، وقد كان قرارًا موفق. فيلم رائع عن اختراع لعبة تيتريس الشهيرة.

سأترك بقية الاقتراحات الأخرى للأشهر القادمة.

 

كُتب واختيارات للقراءة

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

اختيارات متفرقة ٢، ديسمبر ٢٠٢٣م

ربما سيعي القارئ العزيز أن الاختيارات المتفرقة تأتيه من ناحيتي عندما يتزامن توقيتها مع السفر، ولحرصي إلى عدم الانقطاع وضيق الوقت لكتابة مقالات طويلة، فإنني ربما أُرشِّح له بعض الاختيارات التي أجدها بالفعل تستحق المشاهدة أو القراءة، وها هي اقتراحين: * لقاء مارك مانسون مع علي عبدال (عن كيفية

للأعضاء عام

اختيارات متفرّقة، ديسمبر ٢٠٢٣م

أحاول أن أستثمر وقتي في الطائرة استثمارًا جيدة، لمحاربة الانتظار، وأيضًا، لوجود فرصة للانغماس في قراءات ومشاهدات أو استماعا متعمّقًا. ومن حسن الحظ أن رحلتي الأخيرة كانت خياراتها موفقة جدًا. أشارككم إياها: * للشباب المنضمين حديثًا لسوق العمل؛ مقالة مطولة للأخ والصديق فؤاد الفرحان، بعنوان:

للأعضاء عام

القراءة مع الكارديو

أصبحت أنتظر ساعة التريُّض على جهاز «الدراجة» أو «الإليبتيكال» كل يوم، لأنها في الحقيقة هي الساعة التي أضع فيها أمامي الآيباد وأقرأ بعمق، والسماعات – العازلة للصوت – موجودة على أُذني. أعيش وقتها إحدى أعمق ساعاتي خلال النهار، وأنا منغمس مع الأحداث والكلمات التي أمامي. أقرأ على الآيباد من خلال