الحد الأدنى من الهراء
قرأت لستيفن بريسفيلد وهو يحكي عن تجربته في السكن المتنقل عندما كان شابًا:
كان الأشخاص في هذا المنزل الذي يقع في منتصف الطريق، الذين اعتدنا أن نتسكع في مطبخه ونتحدث حوله طوال الليل، من بين أذكى الأشخاص الذين قابلتهم على الإطلاق وأكثرهم تسلية وإثارة للاهتمام.
وما استنتجته من التسكع معهم ومع الآخرين في نفس الوضع هو أنهم لم يكونوا مجانين على الإطلاق [في اختيارهم لنمط الحياة الصعب في التنقل وهم يسكنون في القاطرات]. كانوا في الواقع أشخاصًا أذكياء والذين رأوا في حياتهم [المهنية] هراءً لم يتحمّلوه. وبسبب ذلك، لم يتمكنوا من العمل.
لم يتمكنوا من شغل وظيفة لأنهم لم يستطيعوا تحمل الهراء، وهذا ما انتهى بهم المطاف كجماعات مستقلة. أصبحت المجتمعات الأخرى تنظر إليهم أنهم: «حسنًا، هؤلاء الناس مرفوضون تمامًا. لا يمكن أن يتناسبوا معنا». لكن في الواقع كانوا في الواقع الأشخاص الذين رأوا كل شيء على حقيقته.
تعليقي:
توجد في حياتنا الكثير من الأمثلة لأشخاص فضّلوا الانعزال، أو ترك الوظيفة المحترمة، أو مقاطعة الآخرين، أو ترك العائلة وحياتهم الاجتماعية؛ أو فضّلوا اختيار طريق غير مريح لكنه يشعرهم بالرضا، هذا الرضا الذي ينقلب كتأنيب نفسي أحيانًا، وكتذكير أحيانًا أخرى يقنعون أنفسهم به أنهم يعيشون أفضل حياة.
لكن هناك بديل ثالث..
وهو ما أسماه مورجان هوسل «المقدار الأمثل من المتاعب». بأن يحاول الإنسان البحث عن أقل قدر من المتاعب النفسية مقابل مردود لا بأس به، تزداد قيمته على المدى الطويل.
إذا أدركت أن الهراء في كل مكان، فإن السؤال ليس «كيف يمكنني تجنب كل ذلك؟» ولكن: «ما هو الحد الأقصى لتحمله ويمكنني المضي قدمًا والعمل في عالم فوضوي غير كامل؟
شخصيًا أعتقد أن مهمة الإنسان طيلة حياته بأن يركز على الأهداف طويلة الأمد وأن «يختار الألم المناسب والمؤقت على أقل تقدير» ليعيش حياة سعيدة.
يظهر الألم المناسب مع محاولتنا للتعايش يومًا بيوم مع «الحد المعقول من الهراء».
أما الانعزال التام أو الرفض التام لا يساعدنا في شيء.
وعندما كنت أقول للفنانين الشباب أن «ألم تنظيم الوقت في وظيفة مملة من أجل ممارسة ما أحب حولها، أقل من ألم نقص المال ومد اليد للآخرين» لم أكن أمزح.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.