الفرق بين المهارة وسر المهنة
عندما تحدث مورجان هوسل في كتابه سيكولوجيا المال عن وصف ظاهرة المستثمر وورن بافيت، بتحقيقه أرباحًا تجاوزت جميع المؤشرات، اختصر بقوله «مهارة بافيت هي الاستثمار، وسره هو الوقت». حقق بافيت ٩٥٪ من ثروته بعد أن تجاوز الخامسة والستين من عمره، كان أكثر شيء اعتمد عليه في بناء رصيده هو: الانتظار.
كان يعرف بافيت كيف يختار استثماراته، هذه المهارة – دون مبالغة – موجودة لدى الكثيرين من المستثمرين أو الشباب المهتمين بالاستثمار اليوم، لكنها لم تصنع منهم أثرياء بشكلٍ استثنائي؛ لماذا؟ لا أحد يريد أن يصبر لوقتٍ طويل.
أجلس مع إحدى السيدات التي تشاركني رغبتها – ككثير من الأشخاص – في التقاعد من عملها مبكرًا، وأخبرها أن المعادلة بسيطة لكن ليست سهلة؛ بأن تستثمر من عشرين إلى خمسة وعشرين ضعفًا من إجمالي رواتبها في السنة، وستوفر هذه الاستثمارات لها تدفقًا نقديًا يوازي دخلها السنوي اليوم. طبعًا، هذه المعادلة قد تكون محبِطة بعض الشيء، إلا إننا نتناسى أن الشيء الوحيد الذي يساعدنا على تحقيقها هو: الوقت. الاستثمار شهرًا بعد شهر.. مبلغًا دوري منتظم، قد يكون قليلًا لحظتها، إلا أنه مع السنين سيصل إلى «العشرين ضعفًا».
أعرف خمسة من الكُتاب الذين اعتبرهم قدوات في حِرفة الكتابة، اختاروا الاكتفاء «بالمهارة» والاستغناء عن «السر».. السر في الاستمرار على الكتابة ببطء وانتظام غير منقطع، حتى يصلون لتلك النتيجة التي يأملونها في المستقبل. إلا إنهم اليوم متوقفين. يتعاملون مع الكتابة كمناسبة رسمية، وليس عملٍ دؤوب.
الاستثمار ككثير من الفنون الأخرى، تحتاج الاثنين معًا: بعضٌ من المهارة والكثير الكثير من العمل البطيء المتواصل، والكثير من الصبر. وفي زمن يدفعنا نمط الحياة للكثير من الاستعجال والبحث عن النتائج السريعة، يظل الصبر عملة نادرة، ستزداد قيمتها مع الوقت.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.