تخطى الى المحتوى

النظام وُضع لكي يُخالف

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

… اتذكر هذه العبارة الآن منذ أن سمعتها من عدة سنوات، على لسان أحد أعضاء هيئة تدريس بأحد الجامعات.

لم أفهم لما يتحتم على النظام أن يُخالف؟ أو ماذا كان يقصد بالضبط؟

وفي هذه الأيام وبعد المرور بعدة تجارب واقعية ترتبط بتطبيق النظام، فهمت ما كان يقصده سعادة الدكتور، فقد وُضعت الأنظمة لكي تُخالف “بالواسطات” والامتيازات العرقية، لا لكي تُضبت بمسئول خدمة أو مدير دائرة في أحد المنشآت العامة.

وعندما تكون لغة المال هي الحكم ربما قد تنخفض بعض «النزعات الحيوانية » ( أجلّ القارئين) من قبل مقدمي الخدمات في بعض الدوائر العامة، فيتم طرد بعض أصحاب النزعات ويُخصم من البعض الآخر مقابل عدم الإلتزام بالأنظمة.   نعم وإن كان لقب النزعات الحيوانية يحوي الكثير من القسوة فإني لا أجد ما يبرر عدم خدمة أي إنسان أو مراجع يريد أن يلتزم بالنظام ويأخذ حقه دون أن يحتاج لمعرفة أو واسطة خاصة – لكي يُخدم.

وعندما يمر ذلك الموظف على مطعم صديقي العزيز ليطلب منه «مساعدة » مالية مقابل تيسير أمره باستخراج رخصة ما، فإنها استجابة حقيقية لتلك النزعة.  مثلها مثل الهروب من ساحة العمل قبل أوقات الصلاة بساعة لكي يستعد للصلاة التي قد يكسر تأثيرها على نفسه آخر الليل “بكأس” يجعله ضحية نفاق اليوم التالي!  نعم مثلها مثل التحدث بلغة لم نعهدها نحن البشر عموماً والملسمين خصوصاً.

عندما يتيقن أصحاب تلك النزعات أحقيتهم نهاية الشهر باستلام الراتب، فإنهم يبتعدون خطوة عن تلك النزعات … ويبتعدون كُلياً عندما يُطبقون بعض المبادئ الإنسانية قبل استيعابهم لسبب توظيفهم. مصلحة الناس أصبحت مُرتبطة كثيراً في عالمنا على مزاج مقدم الخدمة، وعلى حجم الواسطة التي يملكها طالب الخدمة، والتي بدورها تحدد سرعة الإجراءات.

أصبح النظام دون قيمة … وأصبح الفرد في بعض الحالات التي ترتبط بالخدمات لا يساوي أي قيمة إلا بانتهاء مراجعته رقم ( ١٠ ) للدائرة!

النظام وُضع لكي يُطبق على الصغير والكبير، ولن أمتلك مُشكلة حقيقية إن كان مقدم الخدمة غير مسلم أو دون ملة، طالما التزم بإنسانيته معي ثم بالتزامه بالنظام الحقيقي الذي وُضع له، والذي يضمن مصلحة الإنسان الذي ترك عمله ومصالحه من أجل الحصول على الخدمة.

«النزعة الحيوانية هو سلوك يعبر عن التجرد من الإنسانية، مع محاولة جادة لافتراس شخص آخر يُعد في نظر المفترس حيواناً آخر في الغابة، التي لا يحكمها أي نظام سوى القوة»

شؤون اجتماعيةعن العمل وريادة الأعمال

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

اقتراحات يوليو ٢٠٢٤م: بودكاست وكُتب وأماكن

كان من المثير للدهشة بالنسبة إلي، أن اقتراحات يونيو ٢٠٢٤م قد لاقت تفاعلًا من القريبين أكثر من القرّاء، وهذا أمرٌ لطيف في الحقيقة، لكيلا يشعر المُقترِح أنه «يكلم جدار» مع اقتراحاته. عمومًا، لا يمكن أن أُعطي اقتراحات خارجية، قبل أن أحصل على شيء من

اقتراحات يوليو ٢٠٢٤م: بودكاست وكُتب وأماكن
للأعضاء عام

لماذا تطرد برشلونة سُيّاحها؟ (الموضوع أعقد مما نتصور)

ربما يكون أحيانًا تغيُر نمط حياتهم البسيطة بشكلٍ جذري سببًا كافيًا لعدم تحمّل الضيوف!

لماذا تطرد برشلونة سُيّاحها؟ (الموضوع أعقد مما نتصور)
للأعضاء عام

قصة الحادث الذي لم يغيّر حياتي - الجزء الأول

تريدون قصة؟ سأحكي لكم واحدة. كُنت أدرس في المرحلة الثانوية عام ٢٠٠٤م. اتصلت على أحد الأصدقاء (الذين تخرّجوا)، واتفقت معه أن يمر عليَ صباح اليوم التالي ليقلّني من البيت بسيارته في تمام الساعة السابعة صباحًا، في الفترة التي كان فيها معظم من في سني لا يملكون

قصة الحادث الذي لم يغيّر حياتي - الجزء الأول