راحة البال في الخيارات
الديون تُقلل الخيارات، والادخّار يزيدها.
مثلما تكون راحة البال في التقليل.
يحاول مورجان هوسل في كتابه «سيكولوجيا المال» مناقشة الدوافع التي يجب أن يتحرك الإنسان من خلالها ليدّخر ويستثمر المزيد من المال. ويشير أنه بدلًا من محاولة زيادة الدخل، من الأجدى أن يزيد الإنسان من تواضعه؛ فمعه لن يحتاج إلى إخبار الآخرين ما يملك وما لا يملك، ووقتها سيتجنب الحالة التي أصابت المغنية «ريانا» عندما كادت تُفلس في بداياتها بسبب غزارة الصرف، ليخبرها مستشارها المالي «أن مشكلة الصرف الغزير تجعل أمركِ ينتهي بامتلاك أشياء، بلا أموال».
كل المدارس التقليدية تدفعنا لوضع أهداف مالية على المدى الطويل والقصير لنحققها: سيارة جديدة، بيت جديد، شنطة جديدة، جوال جديد. وننسى أن هناك هدف أهم غير مرتبط بزمن. وهو راحة البال.
فنحن لا نخبر أنفسنا إننا يجب أن ندّخر ونقلل الرغبات لكي نملك خيارات متاحة أكثر. مثلما لا نخبر أنفسنا إننا يجب أن ننتبه لأكلنا من أجل حياتنا بعد الشباب، ولا نخبر أنفسنا أن الرياضة مهمة لصحتنا وليس لإنقاص الوزن.
الأهداف ترتبط بعملنا المهني لنقيس الإنجاز، أما راحة البال فهي المقياس الأهم خارج المكتب. وراحة البال تحتاج لبعض الانضباط كي نصل إليها.
هناك طريقتين لجعل الإنسان أكثر ثراءً، تقليل الرغبات إحداها كما يُشير «جان كاك روسو». وأقف مذهولًا أمام حقيقة عدم انتباهنا لهذه البداهة عندما أناقش من حولي.
عندما نستيقظ في يومٍ ما دون عمل، فإن المدّخرات تعطينا المساحة للتفكير بهدوء وسكينة حول خياراتنا القادمة. بينما لا تساعدنا المقتنيات الجديدة على ذلك. وعندما نُقلل، فإن المدّخرات لا تخلق مساحة أكبر من الخطوات القادمة فحسب، بل تروض نفسياتنا التي اعتادت أصلًا على الانضباط أمام كل شيءٍ مُغري، فحتى إن اختفى الدخل فجأة، ربما نواسي أنفسنا أن رغباتنا القليلة لا تحتاج لهذا الذعر. في زمن يعاني فيه الكثير من البشر أسباب وفاة مرتبطة بالسمنة أكثر من الجوع، وتوتر من سوء الإدارة المالية أكثر من الفقر.
الديون تميل لأن تكون رغبات، راقبها عن كثب وربما ستستبدل تبريرها.
أما التقليل فهو سلوك، بل تاج الراحة، وعدم التعلّق.
لا أحاول أن أكون زاهدًا.. ولن أكون ربما. إنما أحاول تأمل فكرة أن الرغبات هي ما يجب أن نُسيطر عليها وليس العكس، وأن الأولويات إن ترصصت بشكلها الصحيح، ربما سنحصل على بعض التوازن، وراحة البال.
النشرة الإخبارية
انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.