تخطى الى المحتوى

عدد القراء، أم جودة القراء أهم؟

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

نقاش جدلي يتكرر معي دائماًَ يبدأ بسؤال: هل من المعقول أن ينشر الإنسان أي شيء يكتبه؟

وربما أقول أنك من الصعب أصلاً أن تُحدد إن كان ما سيُنشر ذو تأثير أو دون تأثير.

وتعقيباً على مقالة الأمس؛ لماذا توقفت عن حساب عدد قراء المدونة؟. شاركني أخي محمد خان معلقاً على المقالة:

«أنت تحتاج إلى quality readers

وليس إلى quantity of readers

أينشتاين لا يقرأ له كل الناس

وبيكاسو لا يهتم برسوماته كل الناس»

في الحقيقة أجد رأيه في محله، وربما أقول بأن التحدي الأكبر لكل كاتب بأن يزيد عدد قراء الجودة عوضاً عن العدد، وكذلك مع استهداف نفس النوعية من المتابعين لكل عمل آخر. فالكاتب عموماً لسبب أجهله، يملك في معظم الحالات زخماً لا يستحقه … فقط لأنه كاتب.

مشكلة الأعمال السطحية (على الأغلب) أنها سهلة الإنتاج، لا تتطلب الكثير من البحث والتدقيق والتقصي وخلق مفاهيم تدعمها، ومع ذلك تجدها أحياناً تنتشر بغزارة لفترة مؤقتة، ينسى تأثيرها الجمهور عند غياب صاحبها، وهذا الأمر لا يحصل مع الفنان/الكاتب الباحث عن جودة المتلقي، تماماً كما بقيت أعمال آينشتاين على زخمها حتى يومنا الحاضر؛ لماذا؟ … لأنها أعمال استحقت البقاء.

ليو تولستوي … ألَف «الحرب والسلام» قبل أكثر من مئة عام، ولازالت حتى اليوم تُباع في المكتبات، بل أن الروسيين أقاموا تماثيل عديدة له تخليداً لذكراه (أو لذكرى أعماله) التي اتسمت بثقل أدبي عميق مثل الحرب والسلام، وأنا كارينينا والتي صُنع فيلم جميل مؤخراً.

أزعم أن أمثال تولستوي وآينشتاين خلقوا أعمالاً لا يمكن لأعداد كبيرة أصلاً من الناس العاديين تشرُبها، لتزداد أهميتها عقداً بعد عقد.

فلا يصح إلا الصحيح … الأعمال الحقيقية تبقى، والأعمال السطحية … سطحية.

وملاحظتي الأخيرة اليوم … أن الوصول للأعمال الحقيقية تتطلب الكثير من إنتاج الأعمال السطحية، التي يُصيب ويخطئ فيها الفنان حتى يخلق أعماله الحقيقية، وحتى يؤمن به شخص ما أنها أعمال حقيقية، ليتحول بعدها المتلقيين «ذو جودة»، وتصبح بعد ذلك الأعمال أعمال خالدة.

مقالات عن الانتاجيةمقالات عن سلوك الفنانين

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

كيف نتعامل مع كثرة الأهداف في حياتنا؟ (ملفّات القرّاء ٤)

مساء الخير أُستاذ أحمد، جزيل الشكر على هذه المدونة الجميلة والمفيدة، سؤالي: كيف يتعامل الإنسان مع كثرة الأهداف في حياته؟ حينما يحاول التخطيط للفترة القادمة، يجد أهدافاً كثيرة على جميع المستويات إيماني، تخصصي، معرفي، اجتماعي ومالي وغيرها! وكلما حاول عمل فلترة، يجد هذه الأهداف والأمنيات ملحة! فيزداد حيرة؛ يخاف

كيف نتعامل مع كثرة الأهداف في حياتنا؟ (ملفّات القرّاء ٤)
للأعضاء عام

فيما يخص تعليق الشهادات على الجِدار (رسالة قارئة)

عن المقالة السابقة بعنوان في تعليق الشهادات على الجِدار. وصلتني رسالة لطيفة، أعتقد إنها تستحق النشر. هنا رد قارئة كريمة اسمها السيدة/ شيخة علي الخروصية: فيما يخص أهمية الشهادات المهنية سأحكي لكم عدة أحداث أو مواقف مررت بها لعلها تضيف شيئاً لكم. أحدثها أننا في قسمنا ممثلين المؤسسة بأكملها

للأعضاء عام

أقف حائرًا مرة أخرى أمام نصائح الانترنت

أفهم جيدًا أن معظم النصائح التي تأتي من أماكنٍ عشوائية من الإنترنت هي محل تساؤل. وأفهم جيدًا أن ليس كُل ما يُقال قابل للتصديق. ورغم هذا (الادعاء)، فإن شيئًا داخلي لا يستجيب بنفس القدر. أتأثر وأتحمس للبعض، وأستنكر تمامًا آخرين. أتابع عشرات الحسابات التي

أقف حائرًا مرة أخرى أمام نصائح الانترنت