تخطى الى المحتوى

عن الاستمرار في البقاء داخل الحلَبة

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
2 دقائق قراءة

تناولت الغداء مع أحد الأصدقاء وسألني سؤال أعرف إجابته مسبقًا إلا إنني لم أفكر بالحديث عنه، وهو: عن الفرق بين «الكتابة» (Writing) وبين «كتابة المذكّرات» (Journaling)؟

ووجدت أن إجابتي المباشرة كانت في وصف «كتابة المذكّرات» إنها «ما لا يظهر للآخرين».

في الحقيقة، نادرًا ما أقوم بتدوين المذكّرات بيني وبين نفسي. وبالطبع لا أملك شيئًا ضد هذا الفِعل. ولا أعرف السبب الحقيقي الذي يجعلني أعتبر أن مدونتي (أو صفحتي الشخصية) التي أنشر من خلالها المقالات بمثابة المذكّرات؛ وإن كان الآخرين يقرؤونها. إلا إنها على كل حال أجدها مذكّرات لتوثيق الأفكار والمشاعر، أكثر من كونها فضفضة عاطفية شخصية.

«على الرغم من أن الدخول إلى الحلبة قد يكون أمرًا سهلاً، إلا أن البقاء هناك لفترة طويلة أمر صعب. ونحن الروائيون ندرك ذلك بالطبع. ليس من الصعب كتابة رواية، وربما حتى اثنتين. لكن الاستمرار في الإنتاج والعيش على ما نكتبه والبقاء على قيد الحياة شيء آخر تمامًا».

– موراكامي، هاروكي. الروائي كمهنة (ص7).

ما قاله موراكامي دقيق. فالممارسة – اليومية في حالتنا – تُعتبر شكل من أشكال الاستمرار الذي يبحث الإنسان فيه عن حلبة يتصارع فيها مع نفسه. وأكبر تحدٍ لا يخرج عن القدرة على الاستمرار. وفي كلا الحالتين المذكورة بداية.. البقاء على الكتابة هو ما يجعل الأفكار على قيد الحياة.

لا أستطيع أن أنصح القارئ الكريم أن يكتب مذكراته أو ألا ينشرها مباشرة – كما في حالتي – إلا أن تشجيعي ينحصر في أهمية ممارسة الكتابة من ناحية المبدأ. لأن الإنسان يتغلّب معها على نفسه (فقط إن انتظم) بمساحة أعمق من التفكير، وأيضًا، التشجّع على رؤية ما يدور في عقله أمام عينيه. وبالطبع، ألا يخاف من نفسه ومن أفكاره.

 

عن الكتابة

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

عن روتين وغزارة كتابات تيلور كوين

لشخص في مثل حالتي يصارع الوقت والظروف للبحث عن ساعات متفرّقة للنضباط في الكتابة، أجد نفسي مفتونًا بأسلوب وغزارة انتاج الاقتصادي المعروف والمحبوب تيلر كيون في الكتابة. يكتب أكثر من مقالة يوميًا منذ أكثر من عشرين سنة، إضافة إلى عشرات الكُتب التي قام بنشرها. لا يتوقف

عن روتين وغزارة كتابات تيلور كوين
للأعضاء عام

كيف نتعامل مع توسّلات من سيموتون قريبًا؟

مع قرب الألفية الماضية، حصل حادث مأساوي للروائي الشهير ستيفن كينج، وصف تأثيره: «أصبحت مشيتي مختلفة عمّا كانت عليه من قبل»، وأصبح أيضًا كما قال في مقدمة الجزء الأول من سلسلته «برج الظلام»؛ أكثر تأملًا في مسألة التقدّم في العُمر، التي كان عقله يتقبّلها

كيف نتعامل مع توسّلات من سيموتون قريبًا؟
للأعضاء عام

المدونة بحلّتها الجديدة

أحيانًا يحتاج الإنسان أن يورّط نفسه بوعود غريبة لكي يتمكّن من إخراج نفسه بسلام من هذه الوعوُد، من أجل أن يضمن الإنجاز. وأحيانًا يحتاج أن يحوف نفسه بمن يساعدوه على تحقيق الوعود التي قطعها على نفسه. مثل وعدي أن أتوقّف عن الكتابة - والتي

المدونة بحلّتها الجديدة