تخطى الى المحتوى

لا تقرأ هذه المقالة إن تجاوزت الخمسين

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف

سؤال: ماذا لو اكتشفت (واقتنعت) بعد وصولك لسن الخمسين مع وعيك الحالي، أن طريقة تعامل أحد معلميك لك في الإبتدائية كانت شديدة القسوة والظلم؟
الجواب: لا شيء … وغالباً ستحسب صورة ذلك المدرس في ذهنك ضمن رصيد ذكريات الطفولة.
سؤال آخر تعقيباً على الأول: ماذا لو كانت القسوة قسوة أحد والديك؟
الجواب: أيضاً لا شيء، لأن الأرجح سيكون تغليفك لهذا النوع من التعامل بحجة التربية الحسنة.
السؤال المهم: ماذا لو اكتشفت بعد وصولك لسن الخمسين، أنك تعيش منذ الطفولة كذبة ما، كنت قد ُرُبيت وعشت عليها طيلة هذه العقود؟
الجواب المقترح: ربما ستحاول تدارك الأمور مع أولادك!
السؤال الأهم: ماذا لو اكتشفت بعد وصولك لسن الخمسين، أنك قسوت على نفسك طيلة هذه العقود، واقتنعت واقنعت كل من حولك بكذبة ما، تعايشت معها منذ صغرك؟
الجواب المتوقع رقم ١: ستكون في أحد الدول العربية بعمر الخمسين عام ٢٠١٣.
الجواب المتوقع رقم ٢: ستستمر بالتعايش مع الكذبة لأن إحساس الرجولة (الجهل) سيمنعك من الإعتراف بأكذوبة هذه الكذبة، لتمر على خواطرك كفتيات المراهقة!
الجواب المتوقع رقم٣: أن تكره وتغار من كل من اقتنع وعمل على تغيير حياته بتغير واقع تلك الكذبة.
الجواب المتوقع رقم ٤: ستصمت عند سماع سيرة تلك الكذبة على لسان أحدهم تعبيراً منك عن الحسرة.
الجواب المقترح رقم ٥: ستكون في مكان ما سعيداً بتخلصك من قناعات بالية يعيش عليها معظم أقرانك، كنت قد عشتها طيلة عقود مضت، والآن قد ازددت حلماً وحكمة، لتعلم أن التعصب لقناعة ما هو إلا ضريبة الجهل والحماقة الشرقية التي سيدفع ثمنها كل من حولك.
وأخيراً: ماذا لو كنت بالفعل تعيش بعضاً من القناعات والأكاذيب دون اكتشافها بعد؟ هل تخيفك هذه الفكرة بقدر ما تخيفني؟
ماذا لو قلت لك أن أكثر ما أخشاه هو أن أعيش عالماً لا يفترض بي أن أعيشه، مصاحباً عقل لا يمت للمنطق بأي صلة، وأن اكتشف ذلك بعد فوات الأوان.
ماذا لو كان أحد متلقي الأسئلة أعلاه يكتب هذه السطور؟
أتعرفون من هو؟
أعرفكم بنفسي: أنا … (أنتم وأنا) دون عقل.

سيكلوجيا الإنسانشؤون اجتماعية

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

اقتراحات يوليو ٢٠٢٤م: بودكاست وكُتب وأماكن

كان من المثير للدهشة بالنسبة إلي، أن اقتراحات يونيو ٢٠٢٤م قد لاقت تفاعلًا من القريبين أكثر من القرّاء، وهذا أمرٌ لطيف في الحقيقة، لكيلا يشعر المُقترِح أنه «يكلم جدار» مع اقتراحاته. عمومًا، لا يمكن أن أُعطي اقتراحات خارجية، قبل أن أحصل على شيء من

اقتراحات يوليو ٢٠٢٤م: بودكاست وكُتب وأماكن
للأعضاء عام

لا يسأل الأطفال عن معنى هذه الحياة

«ما الذي يجعل الحياة جديرة بأن تعاش؟ لا يوجد طفل يسأل نفسه هذا السؤال. بالنسبة إلى الأطفال، الحياة واضحة بذاتها. الحياة غنيّة عن الوصف: سواء كانت جيدة أو سيئة، لا فرق. وذلك لأن الأطفال لا يرون العالم، ولا يلاحظونه، ولا يتأملون فيه، ولكنهم منغمسون بعمق في العالم لدرجة أنهم

لا يسأل الأطفال عن معنى هذه الحياة
للأعضاء عام

لماذا تطرد برشلونة سُيّاحها؟ (الموضوع أعقد مما نتصور)

ربما يكون أحيانًا تغيُر نمط حياتهم البسيطة بشكلٍ جذري سببًا كافيًا لعدم تحمّل الضيوف!

لماذا تطرد برشلونة سُيّاحها؟ (الموضوع أعقد مما نتصور)