تخطى الى المحتوى

لماذا نحتاج أن نكون فنانين!

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
لماذا نحتاج أن نكون فنانين!

وهل يندرج وصف الفن تحت الرسم والتلحين والنحت؟ … بالطبع لا!

لأن الفن ليس نتيجة يصل إليها الإنسان، بل هو سلوك ينتج أعمالاً خاصة بكل فرد.

لا يضمن الفنان نجاح عمله، ولا يتأكد أي فنان عندما يعمل بأن أعماله ستغير شيءً ما أو شخص ما، فالفنان يعمل فقط.

«الوظيفة» … وظيفة.

والفن عمل … العمل على تحدي الوضع الراهن وتغيير شيئاً ما.

يمارس الفنان عمله دوماً ولفترات طويلة، ولا ينتهي به الأمر باستلام راتب أو نتيجة حقيقية بالنسبة ملموسة على الأقل بالنسبة للآخرين. كل ما يصبّر به الفنان نفسه هو حبه لعمله، وتحمل كل شيء آخر ليستمر في عمله.

في سنة من سنوات عمره … عمل فان جوخ على أكثر من ٥٠٠ لوحة، وعرف أخيراً في التاريخ بعد أن انتهى من العمل على أكثر من ثلاثة آلاف لوحة ليُنشر بعضها في متحفه، وقد لا يعرف آخرين أين انتهى الحال بالأعمال الأخرى.

ولم يكن سيصل الكاتب ستيفن كينج على الأوسكار من كتابة قصته القصيرة في فيلم «سجن شاوشنك – The Shawshank Redemption» إلا بعد أن تجاوزت أعماله (غير مضمونة النجاح) إلى أكثر من خمسين عمل، مثلهم مثل تيسلا ونيوتن وجوبز وبيكاسو …

الكثير من العمل الشاق والكثير والكثير من عدم ضمان النجاح، وأخيراً ربما نتائج إستثنائية تُسجل أسمائهم في صفحات التاريخ.

لماذا نحتاج أن نكون فنانين؟

لأن عكس هذا الأمر سيكون بالعمل على تلبية طلبات الآخرين فقط، مع البحث عن نتائج «عادية» دون مخاطرة، سنكون موظفين مؤديين للعمل … ولن تكون هناك جائزة لأفضل من ينجز للآخرين طلباتهم!

عندما نؤدي العمل المطلوب في أي وظيفة فإننا نتحول مع الوقت إلى آلات إنسانية، لا نستخدم أفضل نعم الله علينا … لا نستخدم عقولنا.

نبتعد عن قدرة الإنسان على التكيف أمام الإنتقاد ولا نأخذ خطوات أكثر مجازفة، لنكتفي أخيراً بما تم العمل عليه ولا نبحث عن ما هو أصعب وأجمل.

الفن هو العمل على تحمل المسؤولية، وتحدي الوضع الراهن وأن نغير شيئاً ما وشخص ما … مهما كان الفن صغير، مع الوقت يصبح الفن مجموعة أعمال صغيرة قد تخلق لنا النجاح.

المزيد من اللوحات … المزيد من الأعمال … المزيد من الصبر … والكثير من عدم ضمان نجاح الفنون هو الذي يجعل من الإنسان فناناً، وليس غير ذلك.

الكثير من إنشاء شركات تفشل هي فنون رجال الأعمال التي تقودهم للنجاح، والكثير من الصور المجانية العادية هي التي تصنع من المصور مصوراً ناجحاً مع الوقت، والكثير من المحاولات الفاشلة هي التي خرجت إلينا بالنور مع توماس أديسون.

الكثير من العمل هو الفن … مع الكثير من الإنسانية وتحمل المخاطر واستخدام العقول.

الكثير من تأدية الوظيفة المطلوبة من الآخرين ليست فناً!

[هذه المقالة نُشرت على مدونة موقع: artistia.com]

مقالات عن الانتاجيةمقالات عن سلوك الفنانين

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

كيف نتعامل مع كثرة الأهداف في حياتنا؟ (ملفّات القرّاء ٤)

مساء الخير أُستاذ أحمد، جزيل الشكر على هذه المدونة الجميلة والمفيدة، سؤالي: كيف يتعامل الإنسان مع كثرة الأهداف في حياته؟ حينما يحاول التخطيط للفترة القادمة، يجد أهدافاً كثيرة على جميع المستويات إيماني، تخصصي، معرفي، اجتماعي ومالي وغيرها! وكلما حاول عمل فلترة، يجد هذه الأهداف والأمنيات ملحة! فيزداد حيرة؛ يخاف

كيف نتعامل مع كثرة الأهداف في حياتنا؟ (ملفّات القرّاء ٤)
للأعضاء عام

فيما يخص تعليق الشهادات على الجِدار (رسالة قارئة)

عن المقالة السابقة بعنوان في تعليق الشهادات على الجِدار. وصلتني رسالة لطيفة، أعتقد إنها تستحق النشر. هنا رد قارئة كريمة اسمها السيدة/ شيخة علي الخروصية: فيما يخص أهمية الشهادات المهنية سأحكي لكم عدة أحداث أو مواقف مررت بها لعلها تضيف شيئاً لكم. أحدثها أننا في قسمنا ممثلين المؤسسة بأكملها

للأعضاء عام

أقف حائرًا مرة أخرى أمام نصائح الانترنت

أفهم جيدًا أن معظم النصائح التي تأتي من أماكنٍ عشوائية من الإنترنت هي محل تساؤل. وأفهم جيدًا أن ليس كُل ما يُقال قابل للتصديق. ورغم هذا (الادعاء)، فإن شيئًا داخلي لا يستجيب بنفس القدر. أتأثر وأتحمس للبعض، وأستنكر تمامًا آخرين. أتابع عشرات الحسابات التي

أقف حائرًا مرة أخرى أمام نصائح الانترنت