تخطى الى المحتوى

لماذا يقرر الإنسان ألا يفكر؟

أحمد حسن مُشرِف
أحمد حسن مُشرِف
1 دقيقة قراءة

نحن نعلم أن قدرة الإنسان (متجاهلين رغبة الإنسان) على البقاء وحيدًا مع نفسه أصبحت أكثر صعوبة من أي وقتٍ مضى. وعندما نقول إن فكرة البقاء وحيدًا وبشكلٍ مؤقت من أجل التفكير في شؤون الحياة تعد من أصعب الأمور (حتى من قبل مشتتات التواصل الاجتماعي) فهي ليست من باب المبالغة.

ويعتقد «إم سكوت بيك» النفساني المخضرم بأن السبب الحقيقي الذي يجعل الإنسان «يقرر» عدم الجلوس مع نفسه لغرض التفكير لا يخرج عن كونه «أمر مؤلم».

التفكير السطحي أو عدم التفكير من الأساس لأي مشكلة، أو موقف، أو قناعة، أو خطة تواجهنا تعني إحساسًا (مؤقت) أقل بالألم؛ لأن التفكير العميق يقودنا دائمًا إما للإحساس بالألم، أو لحلول مؤلمة لتحديات سنواجهها.

عندما يقرر الإنسان ألا يفكر.. فهو يقرر ألا يشعر بالألم.

عندما يؤجل أحدنا مواجهة الألم فهو يختار الحصول على ألم أكبر في المستقبل.

ويعتقد «بيك» أن كفاءة الإنسان في هذه الحياة لا يمكن لها أن تتطور إلا إن خصص وقتًا مستقطع ومنتظم من يومه للتفكير.. فقط للتفكير. لأن الإدراك يصعب الوصول له مع خاصية البقاء في طور الاستجابة للأحداث اليومية.

فلا يمكن للإنسان أن ينجز عملًا ذو قيمة إن كان مستجيبًا لما يُطلب منه من زملائه أو أسرته وأصدقائه. ولا يمكن أن تتحقق الكفاءة المالية مثلًا مع رب البيت إن لم يقرر الجلوس كل فترة لمراجعة حساباته وخطته وما يتوجب عليه القيام به من دخله وادخاره واستثماراته في الحاضر والمستقبل.

نفس الشيء ينطبق على مستقبل الأبناء، والإجازة السنوية، وخطط التعديلات الخاصة بالبيت، وغيرها. كلما خُصص لها وقت مستقطع للتفكير، كلما كانت تحمل نتائجًا أجود وأقل في مفاجآتها.

مجرد الجلوس للتفكير هو بلا شك عمل إبداعي ضروري للنمو. وقد يكون هو الوسيلة الوحيدة لتجنب أكبر قدر من المشاكل والتحديات، أو على الأقل الاستعداد لها.

تخيل أيضًا الجلوس للتفكير حول مواجهة أو الحديث مع شخص ما في موضوع ما حساس! هل تعتقد أن التفكير قبل الشروع في الموضوع يستحق العناء؟

سيكلوجيا الإنسان

أحمد حسن مُشرِف Twitter

كاتب ومدون سعودي، له عدة إصدارات، ومئات المقالات المنشورة. شريك مؤسس في بعض المشاريع الصغيرة، مقيم في مدينة جدة.

تعليقات


المقالات ذات الصلة

للأعضاء عام

لا يسأل المدربين لاعبيهم: ما الذي تشعرون به؟

هل يكون التعبير المفرط عن المشاعر واليقين بسوء النفسية (خصوصًا لدى اليافعين) مفيد، بنفس القدر الذي يجب فيه أن يحاولوا أن يتجاهلوه بالانسجام مع مسؤوليات حياتهم اليومية؟ لا نجد في عالم الرياضات التنافسية أن المدربين حريصين على استكشاف مشاعر متدربيهم بنفس القدر على حِرصهم لإنجاز جلسة التدريب التالية،

لا يسأل المدربين لاعبيهم: ما الذي تشعرون به؟
للأعضاء عام

لا يسأل الأطفال عن معنى هذه الحياة

«ما الذي يجعل الحياة جديرة بأن تعاش؟ لا يوجد طفل يسأل نفسه هذا السؤال. بالنسبة إلى الأطفال، الحياة واضحة بذاتها. الحياة غنيّة عن الوصف: سواء كانت جيدة أو سيئة، لا فرق. وذلك لأن الأطفال لا يرون العالم، ولا يلاحظونه، ولا يتأملون فيه، ولكنهم منغمسون بعمق في العالم لدرجة أنهم

لا يسأل الأطفال عن معنى هذه الحياة
للأعضاء عام

مكان الغرباء والأحلام خلف الجميع

في عام الكورونا، زرت هذا المكان أكثر من أربع عشرة مرة. لا أحد أعرفه زاره بنفس القدر.

مكان الغرباء والأحلام خلف الجميع